. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْأَصْلِ بِالْقِيَاسِ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَأَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ.
وَبَقِيَ مِمَّا ذَكَرُوهُ شَرْطَانِ آخَرَانِ:
الِاتِّفَاقُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ، وَأَنْ لَا يَتَنَاوَلَ دَلِيلُهُ الْفَرْعَ. وَقَدْ ذُكِرَا فِي «الْمُخْتَصَرِ» . وَقَالَ - أَعْنِي الْآمِدِيَّ فِي «جَدَلِهِ» : شُرُوطُ الْأَصْلِ مِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى حُكْمِهِ، وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى عِلَّتِهِ.
وَلِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ شُرُوطٌ سِتَّةٌ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ شَرْعِيًّا.
الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ مُتَعَبَّدًا فِيهِ بِالْعِلْمِ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ، وَحِينَئِذٍ يَتَعَذَّرُ الْقِيَاسُ.
قُلْتُ: وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، إِذْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ مَقْطُوعًا بِهِ، ثُمَّ تَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ بِجَامِعٍ شَبَهِيٍّ، فَيَكُونُ حُصُولُهُ فِي الْفَرْعِ مَظْنُونًا، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْفَرْعِ مُسَاوِيًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ، إِذْ قَدْ نَصُّوا عَلَى التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّ حُكْمَ الْفَرْعِ تَارَةً يَكُونُ مُسَاوِيًا وَتَارَةً يَكُونُ أَقْوَى، وَتَارَةً أَضْعَفَ. هَذَا إِنْ كَانَ الْقِيَاسُ شَبَهِيًّا، وَإِنْ كَانَ قِيَاسُ الْعِلَّةِ، فَنَحْنُ لَا نَقِيسُ إِلَّا إِذَا وُجِدَتْ عِلَّةُ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ، وَإِذَا وُجِدَتْ فِيهِ، أَثَّرَتْ مِثْلَ حُكْمِ الْأَصْلِ، فَيَكُونُ مَقْطُوعًا أَيْضًا، وَكَذَلِكَ قِيَاسُ الدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ يُفِيدُ وُجُودَ الْمَدْلُولِ، فَدَلَالَةُ عِلَّةِ الْأَصْلِ إِذَا وُجِدَتْ فِي الْفَرْعِ، دَلَّتْ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ إِذَا كَانَ تَعْلِيلُ الْأَصْلِ قَطْعِيًّا فِيهِ، فَصَارَ كَقِيَاسِ الْعِلَّةِ.
وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا مَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: إِذَا كَانَ تَعْلِيلُ الْأَصْلِ قَطْعِيًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute