. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَوُجُودُ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ قَطْعِيًّا، كَانَ الْقِيَاسُ قَطْعِيًّا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ، جَازَ وُرُودُ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ بِالْقَطْعِ. وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ شَرْطًا.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ مَعْدُولًا بِهِ عَنِ الْقِيَاسِ، إِذِ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا وَرَدَ غَيْرَ مَعْقُولِ الْمَعْنَى، سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَثْنًى عَنْ قَاعِدَةٍ عَامَّةٍ كَتَخْصِيصِ خُزَيْمَةَ بِكَمَالِهِ بِبَيِّنَةٍ عَنْ قَاعِدَةِ الشَّهَادَةِ، أَوْ كَانَ مُبْتَدَأً بِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ كَالْمُقَدَّرَاتِ مِنَ الْحُدُودِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَنُصُبِ الزِّكْوَاتِ، وَأَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ مَعْقُولًا أَوْ غَيْرَ مَعْقُولٍ، كَاللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ وَضَرْبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَهَذَانَ الضَّرْبَانِ مِنْهُ لَا يُمْكِنُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِمَا لِعَدَمِ الْعِلَّةِ، أَوْ لِعَدَمِ النَّظِيرِ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ أَوْ بَيْنَ جَمِيعِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ كَمَا سَبَقَ، وَاخْتَارَ فِي «الْمُنْتَهَى» أَنَّ الْمُعْتَرِضَ إِنْ كَانَ مُقَلِّدًا، لَمْ يُشْتَرَطِ الْإِجْمَاعُ، إِذْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَا ثَبَتَ مَذْهَبًا لِإِمَامِهِ كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا، اشْتُرِطَ الْإِجْمَاعُ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِإِمَامٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، جَازَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ فِي الْأَصْلِ، فَيَبْطُلُ الْقِيَاسُ، أَوْ بِتَعَيُّنِ عِلَّةٍ لَا تَتَعَدَّى إِلَى الْفَرْعِ كَمَا سَبَقَ فِي سُؤَالِ التَّرْكِيبِ. وَهَذَا اخْتِيَارٌ حَسَنٌ جِدًّا، لَكِنَّ وُقُوعَهُ بَعِيدٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute