. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَأْثِيرُهَا فِي مَحَلِّهَا لَا يَتَجَاوَزُهُ، بِخِلَافِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنَّهَا أَمَارَةٌ مُعَرِّفَةٌ، وَالتَّعْرِيفُ لَا يَخْتَصُّ بِمَحَلِّ الْمُعَرَّفِ، وَأَيْضًا فَالْقِيَاسُ بِالتَّعْدِيَةِ إِنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ، وَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْعَقْلِيَّاتِ. وَيَرِدُ عَلَى هَذَا أَنَّ قِيَاسَ الْعِلَّةِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ يُفِيدُ الْقَطْعَ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ إِذَا كَانَ ثُبُوتُهَا فِي الْأَصْلِ وَوُجُودُهَا فِي الْفَرْعِ قَاطِعًا كَانَ الْقِيَاسُ قَاطِعًا، عَقْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ شَرْعِيَّةً كَمَا سَبَقَ، بَلْ إِذَا كَانَ قَاطِعًا فِي الشَّرْعِيَّةِ، فَفِي الْعَقْلِيَّةِ أَوْلَى.
وَأَمَّا المَنْصُوصَةُ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ، فَثَبَتَتْ قُوَّتُهَا بِهِ، وَاسْتَغْنَتْ عَنْ قُوَّةِ التَّعَدِّي، بِخِلَافِ الْمُسْتَنْبَطَةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي فِي الِاعْتِرَاضِ: أَنَّ قَوْلَهُمْ: إِذَا لَمْ يُشْتَرَطِ التَّعْدِيَةُ فِي الْعَقْلِيَّةِ والمَنْصُوصَةِ، فَفِي غَيْرِهِمَا أَوْلَى، كَلَامٌ فَاسِدُ الْوَضْعِ، وَالَّذِي يَنْبَغِي الْعَكْسُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ اسْتِغْنَاءِ الْعَقْلِيَّةِ والمَنْصُوصَةِ عَنِ التَّعَدِّي لِقُوَّتِهِمَا وَافْتِقَارِ الْمُسْتَنْبَطَةِ إِلَيْهِ لِضَعْفِهَا.
قَوْلُهُ: «وَكَوْنُهَا لَيْسَتْ أَمَارَةً عَلَى شَيْءٍ مَمْنُوعٌ» ، هَذَا جَوَابُ الْمُصَحِّحِينَ لِلْقَاصِرَةِ عَنْ دَلِيلِ الْمُبْطِلِينَ لَهَا. وَبَيَانُهُ أَنَّا نَقُولُ: قَوْلُكُمْ: «الْقَاصِرَةُ لَيْسَتْ أَمَارَةً عَلَى شَيْءٍ» ، فَلَا تَكُونُ مُفِيدَةً «مَمْنُوعٌ، بَلْ هِيَ أَمَارَةٌ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ بِهَا فِي مَحَلِّ النَّصِّ» عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ فِي مَحَلِّ النَّصِّ ثَابِتٌ بِهَا، أَوْ عَلَى كَوْنِ الْحُكْمِ «مُعَلَّلًا لَا تَعَبُّدًا» عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ لَا بِهَا، فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا تَخْلُو عَنْ فَائِدَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute