للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشَّرْعِيُّ إِلَى أَوْصَافٍ، وَجَبَ جَعْلُ جَمِيعِهَا عِلَّةً وَاحِدَةً، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا جُزْءُ عِلَّةٍ، إِذِ الْأَصْلُ عَدَمُ اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهَا بِالْعِلِّيَّةِ حَتَّى يَنُصَّ صَاحِبُ الشَّرْعِ عَلَى اسْتِقْلَالِهِ، فَيَثْبُتَ.

وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ فِي «جَدَلِهِ» فِي مَنْعِ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ كَلَامًا طَوِيلًا، وَأَنَا أَذْكُرُهُ بِمَعْنَاهُ مُلَخِّصًا مِنْهُ مَا أَمْكَنَ مَعَ الْبَيَانِ:

وَتَقْرِيرُ ذَلِكَ: أَنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ إِمَّا بِمَعْنَى الْبَاعِثِ، أَوْ بِمَعْنَى الْأَمَارَةِ وَالْعَلَامَةِ.

فَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ، امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ لِلْحُكْمِ الْوَاحِدِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعِثَانِ، لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا إِنْ أُضِيفَ الْحُكْمُ إِلَيْهِمَا، فَهُمَا بَاعِثٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَالْآخَرُ لَيْسَ بِبَاعِثٍ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوْ كَانَ لِلْحُكْمِ الْوَاحِدِ بَاعِثَانِ، فَإِمَّا أَنْ يَتَّفِقَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، أَوْ يَخْتَلِفَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، أَوْ يَتَّفِقَا مِنْ وَجْهٍ وَيَخْتَلِفَا مِنْ وَجْهٍ.

فَإِنِ اتَّفَقَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَا تَغَايُرَ، إِذِ التَّغَايُرُ بِدُونِ مُمَيِّزٍ مُحَالٌ، فَهُمَا بَاعِثٌ وَاحِدٌ.

وَإِنِ اخْتَلَفَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، اسْتَحَالَ اتِّفَاقُهُمَا فِي اقْتِضَاءِ حُكْمٍ وَاحِدٍ، إِذِ اخْتِلَافُ الْمُؤَثِّرِ يَقْتَضِي اخْتِلَافَ الْأَثَرِ.

وَإِنِ اتَّفَقَا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، فَالتَّعْلِيلُ إِنْ وَقَعَ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مَا بِهِ الِاتِّفَاقُ فَالْعِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ وَقَعَ بِمَا بِهِ الِاخْتِلَافُ; أَوْ بِمَا بِهِ الِاتِّفَاقُ وَالِاخْتِلَافُ جَمِيعًا، امْتَنَعَ اقْتِضَاؤُهُمَا لِحُكْمٍ وَاحِدٍ، لِاخْتِلَافِهِمَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>