للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَنْفُسِهِمَا كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ.

وَإِنْ كَانَتِ الْعِلَّةُ بِمَعْنَى الْعَلَامَةِ: فَعِنْدَ اجْتِمَاعِ الْأَمَارَتَيْنِ، إِنْ عُرِفَ الْحُكْمُ بِهِمَا، فَهُمَا أَمَارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ عُرِفَ بِإِحْدَاهُمَا; فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْأُخْرَى.

أَمَّا إِنِ اخْتَلَفَ مَحَالُّ الْحُكْمِ أَوْ جِهَاتُهُ; فَلَا مَانِعَ مِنْ تَعْلِيلِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ عِلَّةٍ وَاحِدَةٍ لِتَعَدُّدِ مَحَالِّهِ وَجِهَاتِهِ.

قَالَ: وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ عَلَيَّ بِأَنَّ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ تَشْهَدُ بِخِلَافِهِ كَالْحَائِضِ الْمُعْتَدَّةِ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا، وَكَذَا الْوَالِدَةُ الْمُرْضِعَةُ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا بِالْوِلَادَةِ وَالرِّضَاعِ، وَالْقَاتِلُ الْمُرْتَدُّ يَجِبُ قَتْلُهُ، وَالصِّغَرُ وَالْجُنُونُ يُثْبِتَانِ الْوِلَايَةَ، وَاللَّمْسُ وَالْبَوْلُ وَالتَّغْوِيطُ مَعًا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، فَالْحُكْمُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ مُتَّحِدٌ، وَالْعِلَلُ مُتَعَدِّدَةٌ، إِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَجْمُوعَ عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، لِاسْتِقْلَالِ الْبَعْضِ بِالْحُكْمِ إِذَا انْفَرَدَ، وَلَا إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ، إِذْ هُوَ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ.

قَالَ: وَهُوَ مُنْدَفِعٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالُ، وَهُوَ أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا امْتِنَاعَ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ بِدَلِيلٍ عَقْلِيٍّ لَا سَبِيلَ إِلَى إِنْكَارِهِ، وَحَيْثُ يُتَخَيَّلُ جَوَازُهُ كَمَا فِي الصُّوَرِ الْمُسْتَرْوَحِ إِلَيْهَا، احْتُمِلَ تَعَدُّدُ الْحُكْمِ، وَاتِّحَادُ الْعِلَّةِ، أَوْ خُرُوجُ إِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ عَنِ الِاعْتِبَارِ، وَنَظُنُّ خِلَافَ ذَلِكَ لِدِقَّةِ النَّظَرِ، وَلُطْفِ الْمَأْخَذِ، وَمَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ لَا سَبِيلَ إِلَى مُخَالَفَةِ الدَّلِيلِ الْمُتَيَقَّنِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: مِنْ حَيْثُ التَّفْضِيلُ، وَهُوَ تَخْصِيصُ كُلِّ صُورَةٍ مِنَ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ بِجَوَابٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>