. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَمِنْ أَمْثِلَةِ إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُ الْحَنَفِيِّ فِي الْمَرِيضِ إِذَا أَقَرَّ لِغُرَمَاءَ الْمَرَضِ بِدَيْنٍ، وَكَانَ مَالُهُ مُسْتَغْرِقًا بِالدُّيُونِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ: إِنَّ إِقْرَارَهُ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ بِالْإِقْرَارِ فَوَّتَ حَقَّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ، كَمَا لَوْ وَهَبَ مَالَهُ فِي حَالِ الْمَرَضِ، وَيَدَّعِي أَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي بُطْلَانِ الْهِبَةِ هَاهُنَا هُوَ تَفْوِيتُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ. وَكَذَا لَوِ اتَّفَقَ الْخَصْمَانِ عَلَى أَنَّ مَسَّ الْإِنْسَانِ فَرْجَ نَفْسِهِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: الْمُؤَثِّرُ فِي النَّقْضِ هُوَ كَوْنُهُ مَسَّ فَرْجَ آدَمِيٍّ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيمَا إِذَا مَسَّ فَرْجَ الْغَيْرِ، وَالْأَمْثِلَةُ كَثِيرَةٌ.
قَوْلُهُ: «وَالْمُطَالَبَةُ بِتَأْثِيرِ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ سَاقِطَةٌ» إِلَى آخِرِهِ. أَيْ: إِذَا قَاسَ الْمُسْتَدِلُّ عَلَى عِلَّةٍ إِجْمَاعِيَّةٍ، فَلَيْسَ لِلْمُعْتَرِضِ الْمُطَالَبَةُ بِتَأْثِيرِ تِلْكَ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ وَلَا فِي الْفَرْعِ، لِأَنَّ تَأْثِيرَهَا فِي الْأَصْلِ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ، كَتَأْثِيرِ الصِّغَرِ فِي وِلَايَةِ الْمَالِ أَوْ نِكَاحِ الْبِكْرِ. وَأَمَّا الْمُطَالَبَةُ بِتَأْثِيرِهَا فِي الْفَرْعِ، فَلِاطِّرَادِهَا، أَيْ: لِاطِّرَادِ الْمُطَالَبَةِ «فِي كُلِّ قِيَاسٍ» إِذِ الْقِيَاسُ هُوَ تَعْدِيَةُ حُكْمِ الْأَصْلِ إِلَى الْفَرْعِ بِالْجَامِعِ الْمُشْتَرَكِ، وَمَا مِنْ قِيَاسٍ إِلَّا وَيَتَّجِهُ عَلَيْهِ سُؤَالُ الْمُطَالَبَةِ بِتَأْثِيرِ الْوَصْفِ فِي الْفَرْعِ، فَيُقَالُ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الصِّغَرَ - مَثَلًا - مُؤَثِّرٌ فِي إِجْبَارِ الصَّغِيرَةِ؟ ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَحَ هَذَا الْبَابُ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ، لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى انْتِشَارِ «الْكَلَامِ، فَيَبَانُ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ» أَيْ: تَأْثِيرُ الْوَصْفِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute