. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَا عُرِفَ كَوْنُهُ عِلَّةً بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ. قَالَ: وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِبُخَارَى وَمَرْوَ وَهُوَ مَا كَانَ مُنَاسِبًا. قَالَ: وَفِي اصْطِلَاحِنَا مَا عُرِفَ تَأْثِيرُ عَيْنِ الْعِلَّةِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، وَالْمُلَائِمُ مَا عُرِفَ تَأْثِيرُ نَوْعِهِ فِي نَوْعِ الْحُكْمِ، كَتَأْثِيرِ نَوْعِ الْجِنَايَةِ فِي نَوْعِ الْعُقُوبَةِ، وَالْغَرِيبُ مَا أَثَّرَ جِنْسُهُ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ.
قُلْتُ: وَهَذَا كُلُّهُ اخْتِلَافٌ اصْطِلَاحِيٌّ بِدَلِيلِ مَا حَكَى الْحَوَارِيُّ مِنَ اخْتِلَافِ الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ الْمَرْوَزِيِّينَ وَبَيْنَهُ مِنَ الْخِلَافِ فِي الْمُؤَثِّرِ، وَكَذَلِكَ أَمْثِلَةُ أَنْوَاعِ التَّأْثِيرِ، وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُهَا مُطَابِقًا، وَرُبَّمَا كَانَ غَيْرَ مُطَابِقٍ.
وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّكَ إِذَا عَرَفْتَ مَرَاتِبَ الْأَوْصَافِ وَالْأَحْكَامِ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَأَنَّ الْخُصُوصَ جِهَةُ قُوَّةٍ وَالْعُمُومَ ضَعْفٌ كَمَا تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ. فَانْظُرْ فِي مَرَاتِبِ التَّأْثِيرِ الْوَاقِعَةِ لَكَ، فَإِنَّ أَقْوَاهَا مِنْ أَضْعَفِهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَيْكَ، وَسَمِّ أَنْوَاعَهَا مَا شِئْتَ، وَلَا تَرْتَبِطْ بِتَسْمِيَةِ غَيْرِكَ وَلَا تَمْثِيلِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا تَسْمِيَتَهُمْ تَعْرِيفًا لِاصْطِلَاحِهِمْ وَبَعْضِ أَمْثِلَتِهِمُ الَّتِي ضَرَبُوهَا لِأَنْوَاعِ التَّأْثِيرِ ثَابِتًا لِلنَّاظِرِ، وَالْأَمْرُ أَضْبَطُ مِنْ ذَلِكَ.
فَائِدَةٌ: قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ الْمَصْلَحِيَّ إِمَّا أَنْ يُعْلَمَ مِنَ الشَّارِعِ اعْتِبَارُهُ، أَوْ إِلْغَاؤُهُ، أَوْ لَا يُعْلَمَ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَالْمُنْقَسِمُ إِلَى الْمُؤَثِّرِ وَالْمُلَائِمِ وَالْغَرِيبِ، هُوَ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ الَّذِي عُلِمَ اعْتِبَارُهُ دُونَ الْآخَرِينَ إِلَّا الْمُنَاسِبَ الْمُرْسَلَ عِنْدَ مَالِكٍ.
وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَبَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ يُطْلِقُ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ مَا ظَهَرَ تَأْثِيرُ عَيْنِهِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، وَبَعْضُهُمْ يَشْتَرِطُ مَعَ تَأْثِيرِ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ تَأْثِيرُ الْجِنْسِ فِي الْجِنْسِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ وَهُوَ مَا أَثَّرَ عَيْنُهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ فَقَطْ، أَوْ جِنْسِهِ فِي جِنْسِهِ فَقَطْ; فَهُوَ مُنَاسِبٌ غَرِيبٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute