. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِثَالُ الْأَوَّلِ: قَوْلُنَا فِي الْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ: قَتْلُ عَمْدٍ عُدْوَانٌ، فَأَوْجَبَ الْقِصَاصَ كَالْقَتْلِ بِالْمُحَدَّدِ، فَقَدْ ظَهَرَ تَأْثِيرُ عَيْنِ الْقَتْلِ فِي عَيْنِ الْقِصَاصِ، وَتَأْثِيرُ جِنْسِ الْجِنَايَةِ فِي جِنْسِ الْعُقُوبَةِ، فَالْجِنَايَةُ جِنْسٌ لِلْقَتْلِ، وَالْعُقُوبَةُ جِنْسٌ لِلْقِصَاصِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُنَا فِي أَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ يَنْقُلُ الْمِلْكَ: بِيْعٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ، وَصَادَفَ مَحَلَّهُ، فَنَقَلَ الْمِلْكَ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَشْرِطْ، فَقَدْ ظَهَرَ تَأْثِيرُ الْبَيْعِ الصَّادِرِ مِنَ الْأَهْلِ فِي الْمَحَلِّ فِي نَقْلِ الْمِلْكِ، وَهُوَ تَأْثِيرُ عَيْنِ الْوَصْفِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، وَكَذَلِكَ تَأْثِيرُ جِنْسِ الْبَيْعِ، وَهُوَ التَّصَرُّفُ، ظَهَرَ فِي جِنْسِ نَقْلِ الْمِلْكِ، وَهُوَ تَحْصِيلُ الْغَرَضِ، فَالتَّصَرُّفُ جِنْسٌ لِلْبَيْعِ، وَحُصُولُ الْغَرَضِ جِنْسٌ لِلْمِلْكِ.
وَمِثَالُ مَا أَثَّرَ عَيْنُهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ وَلَمْ يَشْهَدْ لَهُ أَصْلٌ بِاعْتِبَارِ جِنْسِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ تَعْلِيلُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ بِالْإِسْكَارِ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَمْ يَرِدْ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، فَهَاهُنَا إِنَّمَا أَثَّرَ عَيْنُ وَصْفِ الْإِسْكَارِ فِي عَيْنِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَلَا شَاهِدَ لَهُ بِاعْتِبَارِ جِنْسِ الْإِسْكَارِ فِي جِنْسِ التَّحْرِيمِ.
قُلْتُ: وَهَذَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ لِأَنَّ جِنْسَ السُّكْرِ أَوِ الْإِسْكَارِ الْمَفْسَدَةُ أَوْ سَبَبُهَا، وَجِنْسَ التَّحْرِيمِ الْحُكْمُ، وَقَدْ ظَهَرَ تَأْثِيرُ جِنْسِ الْمَفْسَدَةِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ كَثِيرًا جِدًّا كَمَا سَبَقَ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَا اعْتَبَرَهُ هَؤُلَاءِ لَازِمًا مِمَّا قُلْنَاهُ أَوَّلًا، أَعْنِي بِأَنَّ تَأْثِيرَ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ يَسْتَلْزِمُ تَأْثِيرَ الْجِنْسِ فِي الْجِنْسِ، بِحَيْثُ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِهِ، لِأَنَّ تَأْثِيرَ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ أَخَصُّ مِنْ تَأْثِيرِ الْجِنْسِ فِي الْجِنْسِ، وَالْأَخَصُّ يَسْتَلْزِمُ الْأَعَمُّ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الَّذِي أَثَّرَ عَيْنُهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ هُوَ جِنْسَ الْوَصْفِ الْأَعْلَى أَثَّرَ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ الْأَعْلَى، فَهَاهُنَا تَأْثِيرُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ تَأْثِيرَ غَيْرِهِ لِلتَّعَذُّرِ، إِذْ لَيْسَ فَوْقَ الْجِنْسِ الْأَعْلَى مَا يَسْتَلْزِمُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute