. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لِلطَّرْدِ وَالْعَكْسِ» إِلَى آخِرِهِ. أَيْ: اخْتُلِفَ فِي التَّمَسُّكِ بِشَهَادَةِ الْأُصُولِ الْمُفِيدَةِ لِلطَّرْدِ وَالْعَكْسِ، كَقَوْلِنَا فِي تَصْحِيحِ ظِهَارِ الذِّمِّيِّ: «مَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ، صَحَّ ظِهَارُهُ» كَالْمُسْلِمِ، وَفِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْخَيْلِ: مَا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي ذُكُورَتِهِ مُنْفَرِدَةً لَا تَجِبُ فِي ذُكُورِهِ وَإِنَاثِهِ، وَيَسْتَدِلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ بِالِاطِّرَادِ وَالِانْعِكَاسِ، فَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَجَبَتْ فِي ذُكُورِهَا مُنْفَرِدَةً، فَوَجَبَتْ فِي ذُكُورِهَا وَإِنَاثِهَا، وَالْحُمُرُ وَالْبِغَالُ لَمْ تَجِبْ فِي ذُكُورِهَا فَلَمْ تَجِبْ فِي ذُكُورِهَا وَإِنَاثِهَا، فَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي الْخَيْلِ.
فَحَاصِلُ هَذَا أَنَّ صِحَّةَ طَلَاقِ الذِّمِّيِّ شَاهِدٌ لِصِحَّةِ ظِهَارِهِ، وَعَدَمَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي ذُكُورِ الْخَيْلِ شَاهِدٌ لِعَدَمِهَا فِي ذُكُورِهَا وَإِنَاثِهَا، فَذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى صِحَّةِ التَّمَسُّكِ بِهَذَا الطَّرِيقِ لِشَبَهِهِ بِالدَّوَرَانِ وَتَحْصِيلِهِ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِجَامِعِ الطَّرْدِ وَالْعَكْسِ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ التَّمَسُّكِ بِهِ، لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَيْسَ نَصًّا فِي الْعِلِّيَّةِ وَلَا إِجْمَاعًا وَلَا مُؤَثِّرًا وَلَا مُلَائِمًا، وَلَا مُنَاسِبًا غَرِيبًا وَلَا مُرْسَلًا، إِنَّمَا هُوَ مُخَيَّلٌ تَخْيِيلًا شَبَهِيًّا أَنَّ الْفَرْعَ الْمَشْهُودَ لَهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى عِلَّةِ الْأَصْلِ الشَّاهِدِ، وَالظَّنُّ الْحَاصِلُ مِنَ التَّخَيُّلِ إِنْ حَصَلَ ضَعِيفٌ جِدًّا، فَلَا يُنَاطُ بِهِ حُكْمٌ، وَلَا يَكُونُ مُعَوَّلًا عَلَيْهِ.
قُلْتُ: التَّحْقِيقُ فِي هَذَا أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النُّظَّارِ وَالْمُجْتَهِدِينَ قُوَّةً وَضَعْفًا، وَبِاخْتِلَافِ الْأُصُولِ الشَّاهِدَةِ كَثْرَةً وَقِلَّةً، فَمَتَى كَانَ هَذَا الطَّرِيقُ مُفِيدًا مِنَ الظَّنِّ مَا يُسَاوِي مَا يُفِيدُهُ دَلِيلٌ آخَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِيهِ، كَخَبَرِ الْوَاحِدِ أَوِ الْعُمُومِ أَوِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَنَحْوِهِ; صَحَّ التَّمَسُّكُ بِهِ، إِذْ قَدْ يَتَّفِقُ نَاظِرٌ فَاضِلٌ مُرْتَاضٌ، فَتَظْهَرُ لَهُ أُصُولٌ كَثِيرَةٌ شَاهِدَةٌ لِلْفَرْعِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute