. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الطَّرْدِ ظَنًّا بِأَنَّ الْوَصْفَ عِلَّةٌ، فَيَجِبُ اتِّبَاعُ مَا أَفَادَهُ مِنَ الظَّنِّ عَمَلًا بِالدَّلِيلِ الْعَامِّ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ يَحْصُلُ التَّرْجِيحُ وَالتَّكْمِيلُ بِمَا لَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِالِاعْتِبَارِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْوَجْهِ الثَّانِي، وَهُوَ احْتِمَالُ دَوَرَانِ الْحُكْمِ مَعَ جُزْءِ عِلَّتِهِ أَوْ شَرْطِهَا، فَبِأَنْ نَقُولَ: «احْتِمَالُ» ذَلِكَ «لَا يَنْفِي إِفَادَةَ الظَّنِّ» بِأَنَّ مَدَارَ الْحُكْمِ عِلَّةٌ عَلَى مَا سَبَقَ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ وَالْعُرْفِ وَالشَّرْعِ، وَإِفَادَةُ الظَّنِّ بِذَلِكَ هِيَ «مَنَاطُ التَّمَسُّكِ» فِي هَذَا الْبَابِ، وَإِذَا كَانَ احْتِمَالُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ لَا يَنْفِي حُصُولَهَا، لَمْ يَضُرَّنَا، وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.
وَهَاهُنَا طَرِيقَةٌ فِي إِثْبَاتِ الْمَطْلُوبِ، لَكِنَّهَا مُعَارَضَةٌ بِمِثْلِهَا، وَصُورَتُهَا أَنْ يُقَالَ: بَعْضُ الدَّوَرَانَاتِ حُجَّةٌ قَطْعًا كَدَوَرَانِ قَطْعِ الرَّأْسِ مَعَ الْمَوْتِ فِي جَارِي الْعَادَةِ، فَلْتَكُنْ جَمِيعُ الدَّوَرَانَاتِ حُجَّةً قَطْعًا تَسْوِيَةً وَعَدْلًا بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ، وَإِحْسَانًا إِلَى الْمُكَلَّفِينَ بِعَدَمِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ وَبِتَوْفِيرِ خَوَاطِرِهِمْ عَلَى النَّظَرِ فِي مَدَارِ فُرُوقِ الْأَحْكَامِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النَّحْلِ: ٩٠] ، وَعُورِضَ ذَلِكَ بِأَنَّ بَعْضَ الدَّوَرَانَاتِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ قَطْعًا كَمَا سَبَقَ، فَلْيَكُنْ جَمِيعُهَا كَذَلِكَ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ، وَلِأَنَّ بَعْضَهَا لَوْ كَانَ حُجَّةً، لَوَرَدَ نَقْضًا عَلَى مَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ مِنْهَا، وَالنَّقْضُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ شَبَهِيَّةٌ خَيَالِيَةٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، فَلَا مُعَوَّلَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا عَلَى جِهَةِ تَدْرِيبِ النَّاظِرِ بِتَرْكِيبِ الْحُجَجِ، إِذْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ مِنْ أَحْسَنِهَا صُورَةً وَوَصْفًا.
قَوْلُهُ: «وَصَحَّحَ الْقَاضِي وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ التَّمَسُّكَ بِشَهَادَةِ الْأُصُولِ الْمُفِيدَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute