للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لَا يُعْتَبَرُ فِي الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ. وَحِينَئِذٍ لَا يَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَى الدَّوَرَانِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ «الْمَدَارَ» هُوَ مَا يَدُورُ مَعَهُ الْحُكْمُ وُجُودًا وَعَدَمًا قَدْ يَكُونُ عِلَّةَ الْإِسْكَارِ، وَ «قَدْ يَكُونُ لَازِمًا لِلْعِلَّةِ» كَالْحُمْرَةِ وَالْمَيَعَانِ وَالْقَذْفِ بِالزَّبَدِ، وَقَدْ يَكُونُ «جُزْءًا» لِلْعِلَّةِ كَالْعَمْدِيَّةِ أَوِ الْعُدْوَانِيَّةِ فِي عِلَّةِ الْقِصَاصِ، وَإِذَا كَانَ مَدَارُ الْحُكْمِ مُحْتَمِلًا لِهَذِهِ الْأُمُورِ، فَتَعْيِينُهُ لِكَوْنِهِ عِلَّةً تَحَكُّمٌ، وَتَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجَّحٍ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَالشَّيْءُ قَدْ يَدُورُ مَعَ مَا لَيْسَ عِلَّةً، كَحَرَكَةِ الْأَفْلَاكِ مَعَ الْكَوَاكِبِ، وَلَيْسَتْ عِلَّةً لَهَا، وَالْجَوْهَرُ وَالْعَرَضُ كُلٌّ مِنْهُمَا دَائِرٌ مَعَ الْآخَرِ، وَلَيْسَتْ عِلَّةً لَهُ، وَحِينَئِذٍ لَا تَحْصُلُ الثِّقَةُ بِالدَّوَرَانِ، فَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: «قُلْنَا» أَيْ: الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرْتُمْ; أَمَّا عَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ «عَدَمَ» تَأْثِيرِ الطَّرْدِ وَالْعَكْسِ «مُنْفَرِدَيْنِ» أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا حَالَ انْفِرَادِهِ «لَا يَمْنَعُ تَأْثِيرَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ» لِأَنَّ التَّرْكِيبَ يُفِيدُ مَا لَا يُفِيدُهُ الْإِفْرَادُ. وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّهُ جَوَابٌ بِمَنْعِ الْحَصْرِ، لِأَنَّ قَوْلَهُمْ: إِمَّا بِالْوُجُودِ عِنْدَ الْوُجُودِ أَوْ بِالْعَدَمِ عِنْدَ الْعَدَمِ تَقْسِيمٌ غَيْرُ حَاصِرٍ، فَقَوْلُنَا: لَا نُسَلِّمُ الْحَصْرَ فِيمَا ذَكَرْتُمْ بِالِاحْتِجَاجِ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ، وَلَا نُسَلِّمُ عَدَمَ تَأْثِيرِهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْعَكْسَ عَنِ الْعِلَّةِ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ حَيْثُ قَالَ: لَا تَكُونُ الْعِلَّةُ عِلَّةً حَتَّى يُقْبِلَ الْحُكْمُ بِإِقْبَالِهَا، وَيُدْبِرَ بِإِدْبَارِهَا، فَعَلَى هَذَا يَمْنَعُ أَنَّ الْعَكْسَ لَا يُعْتَبَرُ. وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ إِلْغَاءُ الدَّوَرَانِ.

وَبِتَقْدِيمِ التَّسْلِيمِ - وَهُوَ الْمَشْهُورُ - نَقُولُ: «الْعَكْسُ» فِي الْعِلَّةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِلَّةِ عَلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّهُ يُفِيدُ بِانْضِمَامِهِ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>