للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَقَعَ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ، فَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، بَلْ فِي أَيِّ الطَّرَفَيْنِ أَشْبَهُ بِهَا حَتَّى يَلْحَقَ بِهِ. وَقَدْ ذَكَرْتُ جُمْلَةً مِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ فِي «الْقَوَاعِدِ الْكُبْرَى» وَ «تَلْخِيصِ الْحَاصِلِ» .

وَمِنَ الْأُصُولِيِّينَ مَنْ فَسَّرَ قِيَاسَ الشَّبَهِ بِمَا اجْتَمَعَ فِيهِ مَنَاطَانِ لِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، لَا عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ، إِلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْمَلُ مِنَ الْآخَرِ، وَهَذَا نَحْوٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ.

وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهُ بِمَا عُرِفَ الْمَنَاطُ فِيهِ قَطْعًا; غَيْرَ أَنَّهُ يَفْتَقِدُ فِي آحَادِ الصُّوَرِ إِلَى تَحْقِيقِهِ. ذَكَرَ هَذَيْنِ الْآمِدِيُّ; قَالَ: وَفَسَّرَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بِقِيَاسِ الدَّلَالَةِ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ الْقَرَافِيُّ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: هُوَ - يَعْنِي الشَّبَهَ - الْوَصْفُ الَّذِي لَا يُنَاسِبُ لِذَاتِهِ، وَيَسْتَلْزِمُ الْمُنَاسِبَ لِذَاتِهِ، كَقَوْلِنَا، الْخَلُّ مَائِعٌ لَا تَنْبَنِي الْقَنْطَرَةُ عَلَى جِنْسِهِ، فَلَا تَزَالُ بِهِ النَّجَاسَةُ كَالدُّهْنِ، فَقَوْلُنَا: لَا تَنْبَنِي الْقَنْطَرَةُ عَلَى جِنْسِهِ لَيْسَ مُنَاسِبًا فِي ذَاتِهِ، لَكِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْمُنَاسِبِ، إِذِ الْعَادَةُ أَنَّ الْقَنْطَرَةَ لَا تُبْنَى عَلَى الْأَشْيَاءِ الْقَلِيلَةِ، بَلْ عَلَى الْكَثِيرَةِ، كَالْأَنْهَارِ وَنَحْوِهَا، وَالْقِلَّةُ مُنَاسِبَةٌ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الطَّهَارَةِ بِمَا اتَّصَفَ بِهَا مِنَ الْمَائِعَاتِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ الْعَامَّ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ أَسْبَابُهُ عَامَّةَ الْوُجُودِ، إِذْ تَكْلِيفُ الْكُلِّ مَا لَا يَجِدُهُ إِلَّا الْبَعْضُ بَعِيدٌ عَنِ الْقَوَاعِدِ وَالْحِكْمَةِ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلِهَذَا إِذَا قَلَّ الْمَاءُ، وَاحْتِيجَ إِلَيْهِ، سَقَطَ حُكْمُهُ فِي اعْتِبَارِ الطَّهَارَةِ، وَعُدِلَ عَنْهُ إِلَى التَّيَمُّمِ.

قَالَ الْقَاضِي: فَالْوَصْفُ إِمَّا مُنَاسِبٌ بِذَاتِهِ، أَوْ لَا، فَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُنَاسِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>