للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْمُعْتَبَرُ، وَالثَّانِي، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَلْزِمًا لِلْمُنَاسِبِ، أَوْ لَا، فَالْأَوَّلُ الشَّبَهُ، وَالثَّانِي الطَّرْدُ.

قُلْتُ: هَذَا التَّقْسِيمُ يُشْبِهُ وَمُتَّجِهٌ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، لَكِنَّ تَمْثِيلَهُ لِمَا يَسْتَلْزِمُ الْمُنَاسِبَ بِقَوْلِهِ: مَائِعٌ لَا يُبْنَى عَلَى جِنْسِهِ الْقَنَاطِرُ فِيهِ وَمَا وُجِدَ بِهِ مُنَاسَبَتُهُ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ طَرْدٌ مَحْضٌ لَا مُنَاسِبٌ، وَلَا مُسْتَلْزِمٌ لِلْمُنَاسِبِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: مَائِعٌ لَا تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ أَوْ لَا يُصَادُ مِنْهُ السَّمَكُ وَنَحْوَ ذَلِكَ.

وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْوَصْفِ الَّذِي يُوهِمُ الْمُنَاسَبَةَ مِنْ غَيْرِ ظُهُورٍ لِوُجُودِهَا وَلَا عَدَمِهَا.

قَالَ الْآمِدِيُّ: وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْإِطْلَاقَاتِ وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إِلَى اللَّفْظِ; غَيْرَ أَنَّ الْأَشْبَهَ مِنْهَا إِنَّمَا هُوَ هَذَا الْأَخِيرُ.

قُلْتُ: وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ مَعْنَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» فَهَذِهِ تَعْرِيفَاتٌ ذُكِرَتْ لِلشَّبَهِ، ذَكَرْنَاهَا تَكْمِلَةً لِلْفَائِدَةِ، ثُمَّ عُدْنَا إِلَى مَا فِي «الْمُخْتَصَرِ» .

قَوْلُهُ: «وَقِيلَ: الْجَمْعُ» هَذَا تَعْرِيفٌ آخَرُ لِقِيَاسِ الشَّبَهِ، وَهُوَ: «الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِوَصْفٍ يُوهِمُ اشْتِمَالَهُ عَلَى حِكْمَةٍ مَا» . وَقَالَ فِي «الرَّوْضَةِ» : عَلَى حِكْمَةِ الْحُكْمِ «مِنْ جَلْبِ مَصْلَحَةٍ، أَوْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ» وَهَذَا نَحْوٌ مِمَّا اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ، يَعْنِي الَّتِي اقْتَرَنَ بِهَا الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، لِأَنَّهَا «إِمَّا مُنَاسِبٌ مُعْتَبَرٌ» أَيْ: تَعَلُّمُ مُنَاسَبَتِهِ لِلْحُكْمِ، وَاعْتِبَارُ الشَّرْعِ لَهُ، لِأَجْلِ مُنَاسَبَتِهِ قَطْعًا، كَمُنَاسَبَةِ شِدَّةِ الْخَمْرِ لِلتَّحْرِيمِ، وَالْقَتْلِ لِلْقِصَاصِ، وَالْقَطْعِ لِلسَّرِقَةِ، وَالزِّنَا لِلْحَدِّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْصَافِ الْمُنَاسِبَةِ لِأَحْكَامِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>