. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا، أَوْ لَيْسَ مُنَاسِبًا وَلَا مُعْتَبَرًا، كَلَوْنِ الْخَمْرِ وَطَعْمِهَا، إِذْ لَا يُنَاسِبَانِ تَحْرِيمَهَا، وَكَقَوْلِ الْقَائِلِ: إِنَّمَا قُتِلَ الْقَاتِلُ، وَحُدَّ السَّارِقُ وَالزَّانِي وَالْقَاذِفُ; وَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ، لِكَوْنِهِ أَسْوَدَ، أَوْ أَبْيَضَ، أَوْ طَوِيلًا، أَوْ قَصِيرًا وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهَذَا طَرْدٌ مَحْضٌ نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُعَلِّقِ الْحُكْمَ عَلَيْهِ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ تَصَرُّفَهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ تَصَرُّفِ الْعُقَلَاءِ، وَهَذَا خَارِجٌ عَنْهُ، فَلَا يَكُونُ تَصَرُّفًا لَهُ، وَأَيْضًا لِإِلْفِنَا مِنْهُ فِي مَوَارِدِ تَصَرُّفِهِ وَمَصَادِرِهَا عَدَمَ الِالْتِفَاتِ إِلَى مِثْلِ هَذَا الْوَصْفِ، فَهَذَانَ الطَّرَفَانِ مَعْلُومَا الْحُكْمِ.
أَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ; وَهُوَ «مَا ظَنَّ» أَنَّهُ «مَظِنَّةٌ لِلْمَصْلَحَةِ» أَيْ: يُوهِمُ اشْتِمَالَهُ عَلَى مَصْلَحَةِ الْحُكْمِ، وَظَنَنَّا أَنَّهُ مَظِنَّتُهَا مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ بِذَلِكَ، وَرَأَيْنَا الشَّارِعَ قَدِ اعْتَبَرَهُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ، فَهَذَا هُوَ الشَّبَهِيُّ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَرَدُّدِهِ بِالشَّبَهِ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَهُمَا الْمُنَاسِبُ وَالطَّرْدِيُّ ; لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّا لَمْ نَقْطَعْ بِانْتِفَاءِ مُنَاسَبَتِهِ، وَاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ، بَلْ ظَنَنَّا ذَلِكَ فِيهِ أَشْبَهَ الْمُنَاسِبَ الْمَقْطُوعَ بِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ، وَمِنْ حَيْثُ إِنَّا لَمْ نَقْطَعْ بِمُنَاسَبَتِهِ وَاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ أَشْبَهَ الطَّرْدِيَّ الْمَقْطُوعَ بِخُلُوِّهِ عَنِ الْمُنَاسَبَةِ الْمَصْلَحِيَّةِ.
وَذَلِكَ كَمَا أَلْحَقْنَا نَحْنُ وَالْحَنَفِيَّةُ «مَسْحَ الرَّأْسِ بِمَسْحِ الْخُفِّ فِي نَفْيِ» تَكْرَارِ الْمَسْحِ «لِكَوْنِهِ مَمْسُوحًا» فَقُلْنَا: مَمْسُوحٌ فِي الطَّهَارَةِ، فَلَا يُسَنُّ تَكْرَارُهُ، كَمَسْحِ الْخُفِّ، وَأَلْحَقَهُ الشَّافِعِيُّ «بِبَاقِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فِي» إِثْبَاتِ التَّكْرَارِ «لِكَوْنِهِ أَصْلًا فِي الطَّهَارَةِ» فَقَالَ: مَسْحُ الرَّأْسِ أَصْلٌ فِي طَهَارَةِ الْوُضُوءِ، فَسَنَّ تَكْرَارَهُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ.
وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقِيَاسَيْنِ جَامِعٌ وَفَارِقٌ، إِذِ الْأَوَّلُ قِيَاسُ مَمْسُوحٍ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute