للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اشْتِرَاكَهُمَا فِي الْعِلَّةِ» لِأَنَّ الْمَدْلُولَ لَازِمُ الدَّلِيلِ، وَالدَّلِيلَ مَلْزُومٌ لَهُ، وَالِاشْتِرَاكَ فِي الْمَلْزُومِ يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فِي اللَّازِمِ، كَالِاشْتِرَاكِ فِي الْإِنْسَانِيَّةِ يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فِي الْحَيَوَانِيَّةِ، وَإِذَا اشْتَرَكَا فِي الْعِلَّةِ، اشْتَرَكَا فِي الْحُكْمِ عَمَلًا بِالْقِيَاسِ.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ قَوْلُنَا فِي جَوَازِ إِجْبَارِ الْبِكْرِ: «جَازَ تَزْوِيجُهَا سَاكِتَةً، فَجَازَ» تَزْوِيجُهَا «سَاخِطَةً كَالصَّغِيرَةِ» لِأَنَّ «جَوَازَ تَزْوِيجِهَا سَاكِتَةٌ» يَدُلُّ «عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ رِضَاهَا» إِذْ لَوِ اعْتُبِرَ رِضَاهَا، «لَاعْتُبِرَ نُطْقُهَا الدَّالُّ عَلَيْهِ» لَكِنَّ نُطْقَهَا لَمْ يُعْتَبَرْ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ رِضَاهَا لَا يُعْتَبَرُ، وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا، جَازَ تَزْوِيجُهَا «وَإِنْ سَخِطَتْ» إِذْ مَنْ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ فِي أَمْرٍ; لَا فَرْقَ بَيْنَ وُقُوعِ ذَلِكَ الْأَمْرِ عَلَى وَفْقِ اخْتِيَارِهِ أَوْ خِلَافِهِ، كَالْمَرْأَةِ لَمَّا لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا فِي الطَّلَاقِ، جَازَ عَدَمُهُ فِي حَقِّهَا بِاسْتِمْرَارِهَا عَلَى النِّكَاحِ، وَوُجُودُهُ يَقْطَعُ نِكَاحَهَا بِهِ، فَقَدْ جَمَعَ فِي هَذَا الْقِيَاسِ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْبِكْرِ الْكَبِيرَةِ بِدَلِيلِ عَدَمِ اعْتِبَارِ رِضَاهُمَا، وَهُوَ تَزْوِيجُهُمَا سَاكِتَتَيْنِ، فَهُوَ قِيَاسُ دَلَالَةٍ لِذَلِكَ.

وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ قَوْلُنَا: «لَا يُجْبَرُ الْعَبْدُ عَلَى» النِّكَاحِ، لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إِبْقَائِهِ، يَعْنِي اسْتِدَامَتَهُ، «فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ابْتِدَائِهِ كَالْحُرِّ، فَعَدَمُ إِجْبَارِهِ عَلَى» اسْتَدَامَتِهِ دَلِيلٌ عَلَى خُلُوصِ حَقِّهِ فِيهِ. وَإِذَا كَانَ الْحَقُّ فِي النِّكَاحِ خَالِصًا لِلْعَبْدِ، لَمْ «يُجْبَرْ عَلَى خَالِصِ حَقِّهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ» أَيْ: فِي اسْتَدَامَتِهِ وَابْتِدَائِهِ، كَمَا أَنَّ الْحُرَّ لَمَّا كَانَ النِّكَاحُ حَقًّا خَالِصًا لَهُ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةً وَلَا ابْتِدَاءً.

وَاعْلَمْ أَنَّ قِيَاسَ الدَّلَالَةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الِاسْتِدْلَالُ بِالْحُكْمِ عَلَى الْعِلَّةِ كَمَا ذَكَرْنَا مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِالتَّزْوِيجِ مَعَ السُّكُوتِ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الرِّضَى فِي حَقِّ الْبِكْرِ، وَبِعَدَمِ الْإِجْبَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>