. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَلَى الْإِبْقَاءِ عَلَى عَدَمِ الْإِجْبَارِ عَلَى الِابْتِدَاءِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ، وَكَقَوْلِنَا فِي الْوِتْرِ: يُؤَدَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَيَكُونُ نَفْلًا، أَوْ فَلَا يَجِبُ، كَصَلَاةِ الضُّحَى، فَجَوَازُ الْأَدَاءِ عَلَى الرَّاحِلَةِ حُكْمُ النَّفْلِ، فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ عِلَّتِهِ فِي الْوِتْرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَثَرُ الْعِلَّةِ وَمَلْزُومُهَا، فَدَلَّ عَلَيْهَا دَلَالَةَ الْأَثَرِ عَلَى الْمُؤَثِّرِ، وَالْمَلْزُومِ عَلَى اللَّازِمِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: الِاسْتِدْلَالُ بِأَحَدِ أَثَرَيِ الْمُؤَثِّرِ عَلَى الْآخَرِ، وَيُقَالُ: بِإِحْدَى نَتِيجَتَيْ عِلَّةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأُخْرَى، وَهُوَ مَعْنَى الْأَوَّلِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: قَوْلُنَا: الْقَطْعُ وَالْغُرْمُ يَجْتَمِعَانِ عَلَى السَّارِقِ، أَيْ: إِذَا سَرَقَ عَيْنًا فَفَاتَتْ فِي يَدِهِ، قُطِعَ بِهَا، وَغَرِمَ قِيمَتَهَا، لِأَنَّهَا عَيْنٌ يَجِبُ رَدُّهَا مَعَ بَقَائِهَا، فَوَجَبَ ضَمَانُهَا مَعَ فَوَاتِهَا، كَالْمَغْصُوبِ، لِأَنَّ وُجُوبَ رَدِّهَا مَعَ بَقَائِهَا دَلَّ عَلَى وُجُودِ عِلَّةِ وُجُوبِ الرَّدِّ، إِذِ الْوَاجِبُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عِلَّةٍ، وَالضَّمَانُ عِنْدَ التَّلَفِ رَدٌّ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَتِلْكَ الْعِلَّةُ تُنَاسِبُهُ، وَقَدْ ظَهَرَ اعْتِبَارُهَا فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْمَغْصُوبُ، وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِقَامَةُ الْعَدْلِ بِرَدِّ الْحَقِّ، أَوْ بَدَلِهِ إِلَى مُسْتَحَقِّهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُنَا فِي الْمُكْرَهِ: يَأْثَمُ إِذَا صَدَرَ مِنْهُ الْقَتْلُ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَالْمُكْرِهِ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - عِنْدَ مَنْ يُوجِبُ الْقِصَاصَ عَلَيْهِمَا وَهُوَ الشَّافِعِيُّ، فَالْإِثْمُ وَوُجُوبُ الْقِصَاصِ أَثَرَانِ لِلْقَتْلِ، ثُمَّ إِنَّ وُجُودَ الْإِثْمِ يَدُلُّ عَلَى عِلَّةِ التَّأْثِيمِ، وَعِلَّةُ التَّأْثِيمِ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَثِمَ بِالْقَتْلِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ الشَّارِعَ قَصَدَ حِفْظَ الْمَحَلِّ مِنَ الْقَتْلِ بِالتَّأْثِيمِ، وَإِيجَابِ الْقِصَاصِ يَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصُودُ وَقَدْ ظَهَرَ اعْتِبَارُهُ فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ مِنْ صُوَرِ الْقَتْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute