. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَنَا أَرَدْتُ بِالْأَقْرَاءِ الْحَيْضَ، وَالْكَمَالُ لَازِمٌ فِيهَا، إِذْ بَعْضُ الْحَيْضَةِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ قَرْءًا، فَيَكُونُ قَدْ أَعَدَّ الْإِجْمَالَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ; لِلْحَاجَةِ إِلَى التَّفْصِيلِ فِي آخِرِهِ، فَلِأَجْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْعَارِضَةِ لِلْإِجْمَالِ، تَوَجَّهَ سُؤَالُ الِاسْتِفْسَارِ، لِيَكُونَ الْمُعْتَرِضُ مُتَكَلِّمًا عَلَى بَصِيرَةٍ، آمِنًا مِنَ الْمُغَالَطَةِ وَالْمُخَاتَلَةِ.
قَوْلُهُ: «وَعَلَى الْمُعْتَرِضِ إِثْبَاتُهُ» . إِلَى آخِرِهِ. أَيْ: وَعَلَى الْمُعْتَرِضِ إِثْبَاتُ الْإِجْمَالِ فِي لَفْظِ الْمُسْتَدِلِّ، إِذْ لَا يَكْفِي فِي ثُبُوتِهِ مُجَرَّدُ دَعْوَاهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ فَتْحٌ لِبَابِ الْعِنَادِ، إِذْ كُلُّ مُعْتَرِضٍ لَا يَعْجِزُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْتَدِلِّ: لَفْظُكَ مُجْمَلٌ، فَبَيِّنْهُ، فَيَلْزَمُ الْمُسْتَدِلُّ بِذَلِكَ مَا لَا يَلْزَمُهُ، إِذِ الْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ عَلَى الْمُعْتَرِضِ إِثْبَاتُ الْإِجْمَالِ فِي لَفْظِ الْمُسْتَدِلِّ، فَطَرِيقُهُ إِلَى ذَلِكَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُ «مَعْنَيَيْنِ فَصَاعِدًا» احْتِمَالًا مُطْلَقًا، وَلَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ تُسَاوِي الِاحْتِمَالَاتِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَعْسُرُ عَلَيْهِ، فَتَسْقُطُ فَائِدَةُ الِاعْتِرَاضِ، وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ:
مِنْهَا: أَنْ يَقُولَ فِي جَمَاعَةٍ اشْتَرَوْا عَيْنًا، فَظَهَرَتْ مَعِيبَةً: لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالرَّدِّ، لِأَنَّهُ بَانٍ بِالْمَبِيعِ مَا بَانَ بِهِ جَوَازَ الِانْفِرَادِ بِالرَّدِّ، فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ: مَا تَعْنِي بِقَوْلِكَ: بَانَ؟ فَإِنَّهَا مُجْمَلَةٌ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى: ظَهَرَ، وَبِمَعْنَى: خَفِيَ، يُقَالُ: بَانَ لِي الشَّيْءُ، أَيْ: ظَهَرَ، وَبَانَ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، أَيْ: غَابَ، وَزَالَ، وَخَفِيَ، وَمِنْهُ: الْبَيْنُ، وَالْفِرَاقُ، وَغُرَابُ الْبَيْنِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَقُولَ فِي الْمُكْرَهِ عَلَى الْقَتْلِ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَارٍ، أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ أَشْبَهَ غَيْرَ الْمُكْرَهِ، فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ: مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute