. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وُجُودِ الْمُدَّعَى عِلَّةً فِي الْأَصْلِ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُسَلِّمُ أَنَّ الْإِسْكَارَ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ، لَكَانَ هَذَا مَنْعَ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُسَلِّمُ وُجُودَ الْإِسْكَارِ فِي النَّبِيذِ؛ لَكَانَ هَذَا مَنْعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ، فَفِي الْأَصْلِ ثَلَاثَةُ مُنُوعٍ، وَفِي الْفَرْعِ مَنْعٌ وَاحِدٌ.
قَوْلُهُ: «وَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْمُسْتَدِلُّ عَلَى الْأَصَحِّ» أَيْ: لَا يَنْقَطِعُ الْمُسْتَدِلُّ بِمَنْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ فِيهِ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:
أَحَدُهَا: يَنْقَطِعُ، لِأَنَّا لَوْ مَكَّنَّاهُ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى الْأَصْلِ وَإِثْبَاتِهِ بِالدَّلِيلِ، لَانْتَشَرَ الْكَلَامُ، وَانْتَقَلَ إِلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى.
مِثَالُهُ: لَوْ قَالَ حَنْبَلِيٌّ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ: إِنَّهُ نَجِسٌ، فَلَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، كَجِلْدِ الْكَلْبِ، فَقَالَ الْحَنَفِيُّ: لَا أُسَلِّمُ حُكْمَ الْأَصْلِ؛ وَهُوَ أَنَّ جِلْدَ الْكَلْبِ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ بَلْ يَطْهُرُ عِنْدِي، فَشَرَعَ الْمُسْتَدِلُّ يَقُولُ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ جِلْدَ الْكَلْبِ لَا يَطْهُرُ: أَنَّهُ حَيَوَانٌ نَجِسُ الْعَيْنِ، فَلَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ، كَجِلْدِ الْخِنْزِيرِ، فَقَدْ خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَهُوَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ إِلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ يَتَسَلْسَلُ الْمَنْعُ، مِثْلُ أَنْ يَمْنَعَ الْمُعْتَرِضُ الْحُكْمَ فِي جِلْدِ الْخِنْزِيرِ، أَوِ الْوَصْفَ فِي جِلْدِ الْكَلْبِ، فَيَخْرُجُ قَانُونُ النَّظَرِ عَنْ وَضْعِهِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَنْقَطِعُ الْمُسْتَدِلُّ بِذَلِكَ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: إِنْ كَانَ الْمَنْعُ جَلِيًّا فِي مَذْهَبِ الْمُعْتَرِضِ، مَشْهُورًا، يَعْلَمُهُ غَالِبُ الْفُقَهَاءِ، انْقَطَعَ الْمُسْتَدِلُّ، وَإِنْ كَانَ خَفِيًّا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا الْآحَادُ وَالْخَوَاصُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute