. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَمْ يَنْقَطِعْ.
وَالْفَرْقُ: أَنَّ خَفَاءَ الْمَنْعِ يَكُونُ عُذْرًا لَهُ، فَيُمَكَّنُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ، وَلَا يُحْكَمُ بِانْقِطَاعِهِ، بِخِلَافِ الْمَنْعِ الْجَلِيِّ، فَإِنَّهُ يُعَدُّ كَالْمُفَرِّطِ إِذَا قَاسَ عَلَى أَصْلٍ مَمْنُوعٍ، حَيْثُ عَرَّضَ الْكَلَامَ لِلتَّسَلْسُلِ وَالِانْتِشَارِ.
وَقَدْ مَثَّلَ الْمَنْعَ الْجَلِيَّ بِقَوْلِهِ: لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا، قِيَاسًا عَلَى الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ عِنْدَ الْخَصْمِ، وَهُوَ جَلِيٌّ مِنْ مَذْهَبِهِمْ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَ الْمُسْلِمَ بِالذِّمِّيِّ.
وَكَقَوْلِنَا: يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ نَوْعُ نَقْصٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقَضَاءِ عَلَى الْحَاضِرِ، كَمَا يُقْضَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ نَقْصٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقَضَاءِ بِشَاهِدَيْنِ، فَإِنَّ الْقَضَاءَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ مَمْنُوعٌ عِنْدَهُمْ مَنْعًا جَلِيًّا مَشْهُورًا.
وَمُثِّلَ الْمَنْعُ الْخَفِيُّ بِقَوْلِنَا فِي تَعْيِينِ النِّيَّةِ لِرَمَضَانَ: صَوْمٌ وَاجِبٌ، فَيَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لَهُ كَالْقَضَاءِ، وَقَوْلِنَا فِي الْوُضُوءِ: عِبَادَةٌ، فَيَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ، كَالتَّيَمُّمِ، فَإِنَّ الْمَنْعَ فِي ذَلِكَ خَفِيٌّ، إِذْ مَنْعُ احْتِيَاجِ الْقَضَاءِ إِلَى النِّيَّةِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَذْهَبِ زُفَرَ، وَأَمَّا افْتِقَارُ التَّيَمُّمِ إِلَى النِّيَّةِ، فَلَا أَعْلَمُ عِنْدَهُمْ فِيهِ خِلَافًا.
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ خَفَاءَ الْمَنْعِ وَظُهُورَهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَدِلِّ فِي عِلْمِهِ، وَاطِّلَاعِهِ عَلَى أَقْوَالِ النَّاسِ، وَظُهُورِ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِأَمَارَاتِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا لَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِكَ، فَهُوَ جَلِيٌّ فِي حَقِّكَ، لَكِنْ عَلَى هَذَا إِشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ إِذَا ادَّعَى خَفَاءَ ذَلِكَ عَنْهُ، فَقَدِ ادَّعَى مُمْكِنًا، وَالْأَصْلُ عَلَى وَفْقِهِ، وَهُوَ عَدَمُ عِلْمِهِ، فَلَوْ حُكِمَ بِانْقِطَاعِهِ بِذَلِكَ لَأَفْضَى إِلَى تَكْذِيبِهِ، فَالْأَشْبَهُ عَلَى هَذَا أَنْ يُرْجَعَ إِلَى قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ. إِنْ قَالَ: عَلِمْتُ الْمَنْعَ، انْقَطَعَ، وَإِلَّا فَلَا. وَيَلْزَمُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute