للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالِاهْتِمَامِ بِقَضَاءِ وَظَائِفِهِ، فَتَتَقَاعَدُ مَصْلَحَةُ أَمَانِهِ عَنْ مَصْلَحَةِ أَمَانِ الْحُرِّ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ وَصْفُ الْحُرِّيَّةِ مُعْتَبَرًا فِي الْحُرِّ لَا يَصِحُّ إِلْحَاقُ الْعَبْدِ بِهِ، لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ مَا فِيهِ مِنَ الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ بِالْمَصْلَحَةِ.

قَوْلُهُ: «وَيَلْزَمُ الْمُسْتَدِلَّ حَذْفُ مَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ بِالِاحْتِرَازِ عَنْهُ فِي دَلِيلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ أَهْمَلَهُ، وَرَدَ مُعَارَضَةً» .

يَعْنِي أَنَّ الْوَصْفَ الَّذِي أَبْدَاهُ الْمُعْتَرِضُ فِي الْأَصْلِ؛ هَلْ يَلْزَمُ الْمُسْتَدِلَّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فِي دَلِيلِهِ بِحَذْفِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْجَدَلِيِّينَ سَبَقَ تَوْجِيهُهُمَا فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي سُؤَالِ النَّقْضِ، فَإِنْ أَهْمَلَ الْمُسْتَدِلُّ ذَلِكَ - أَعْنِي الِاحْتِرَازَ - عَمَّا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ، «وَرَدَ» عَلَيْهِ «مُعَارَضَةً» ، أَيْ: كَانَ لِلْمُعْتَرِضِ أَنْ يُعَارِضَهُ بِهِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ، أَيْ: عَلَى الْمُسْتَدِلِّ، وَيَلْزَمُهُ جَوَابُهُ.

مِثَالُهُ: أَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ فِي رَفْعِ الْيَدِ فِي الرُّكُوعِ: رُكْنٌ غَيْرُ الْإِحْرَامِ، فَلَا يُشْرَعُ فِيهِ رَفْعُ الْيَدِ، كَالسُّجُودِ، فَإِنْ لَمْ يَحْتَرِزْ عَنِ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا عَارَضَهُ بِهِ الْخَصْمُ بِأَنْ يَقُولَ: رُكْنٌ، فَشُرِعَ فِيهِ الرَّفْعُ كَالْإِحْرَامِ.

قُلْتُ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ هَذَا الِاحْتِرَازَ لَا يَلْزَمُ، لِأَنَّ مَا يَحْتَرِزُ عَنْهُ الْمُسْتَدِلُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِدًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، لَمْ يَكُنْ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ ضَرُورَةٌ، وَإِنْ كَانَ وَارِدًا لَمْ يَنْفَعْهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِالذِّكْرِ الْمُجَرَّدِ، إِذْ لِلْمُعْتَرِضِ أَنْ يَقُولَ: وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهِ حَتَّى تَسْتَثْنِيَهُ، إِذِ الْإِحْرَامُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ أَرْكَانٌ، فَإِذَا قِسْتَ عَلَى السُّجُودِ، قِسْتُ أَنَا عَلَى الْإِحْرَامِ، وَلَيْسَ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ مُنَاسَبَةَ احْتِرَازِهِ، وَاطِّرَادِ عِلَّتِهِ مَعَهُ، فَيَكُونُ احْتِرَازًا صَحِيحًا.

قَوْلُهُ: «وَيَكْفِي الْمُعْتَرِضَ فِي تَقْرِيرِهَا بَيَانُ تَعَارُضِ الِاحْتِمَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>