للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَلَا يَكْفِي الْمُسْتَدِلَّ فِي دَفْعِهَا إِلَّا بَيَانُ اسْتِقْلَالِ مَا ذَكَرَهُ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ» .

أَيْ: أَنَّ الْمُعْتَرِضَ يَكْفِيهِ فِي تَقْرِيرِ الْمُعَارَضَةِ بَيَانُ مُطْلَقِ تَعَارُضِ الِاحْتِمَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ، أَعْنِي ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الْمُسْتَدِلُّ، أَوْ لِمَا أَبْدَاهُ هُوَ، أَوْ لِمَجْمُوعِ الْوَصْفَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الِاحْتِمَالَاتُ مُتَسَاوِيَةً، أَوْ بَعْضُهَا رَاجِحًا، وَبَعْضُهَا مَرْجُوحًا.

وَأَمَّا الْمُسْتَدِلُّ، فَلَا يَكْفِيهِ فِي دَفْعِ الْمُعَارَضَةِ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْوَصْفَ الَّذِي عُلِّلَ بِهِ مُسْتَقِلٌّ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ بِحَيْثُ لَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى وَصْفِ الْمُعْتَرِضِ وَلَا غَيْرِهِ. وَالْفَرْقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُعْتَرِضِ وَالْمُسْتَدِلِّ: هُوَ أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ مُدَّعٍ لِاسْتِقْلَالِ مَا ذَكَرَهُ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ، وَالْمُعْتَرِضُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ، وَالْمُنْكِرُ يَكْفِيهِ مُطْلَقُ الْإِنْكَارِ، وَالْمُدَّعِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْ بَيِّنَةٍ وَحُجَّةٍ يُثْبِتُ بِمِثْلِهَا دَعْوَاهُ.

وَحُجَّةُ الْمُسْتَدِلِّ هَهُنَا لَيْسَ إِلَّا بَيَانُ اسْتِقْلَالِ مَا ذَكَرَهُ بِالْحُكْمِ، كَاسْتِقْلَالِ تَبْدِيلِ الدِّينِ بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ، وَاسْتِقْلَالِ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِصِحَّةِ الْأَمَانِ، وَالْمُعْتَرِضُ بِمُجَرَّدِ بَيَانِهِ احْتِمَالًا آخَرَ يَصْلُحُ إِضَافَةُ الْحُكْمِ إِلَيْهِ عِلَّةً أَوْ جُزْءَ عِلَّةِ قَدْ وَفَى بِمَا عَلَيْهِ مِنْ إِنْكَارِ دَعْوَى الْمُسْتَدِلِّ، فَلِذَلِكَ كَفَاهُ بَيَانُ تَعَارُضِ الِاحْتِمَالَاتِ كَيْفَ كَانَ، وَلَمْ يَكْفِ الْمُسْتَدِلَّ «إِلَّا بَيَانُ اسْتِقْلَالِ مَا ذَكَرَهُ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ» .

قَوْلُهُ: «إِمَّا بِثُبُوتِ عِلِّيَّةِ مَا ذَكَرَهُ بِنَصٍّ أَوْ إِيمَاءٍ وَنَحْوِهِ مِنَ الطُّرُقِ الْمُتَقَدِّمَةِ، أَوْ بِبَيَانِ إِلْغَاءِ مَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>