. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إِلَى التَّبْيِيتِ قِيَاسًا عَلَى الْقَضَاءِ، فَإِنَّ كَوْنَهُ مَفْرُوضًا يَتَحَقَّقُ بِهِ شَرْطُ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ فِي الْفَرْعِ، وَهُوَ صَوْمُ رَمَضَانَ وَأَنَّهُ خَالٍ مِمَّا يَمْنَعُ ثُبُوتَ التَّبْيِيتِ فِيهِ، وَيَنْدَفِعُ بِهِ النَّقْضُ بِالنَّفْلِ، إِذْ لَوْ قَالَ: صَوْمٌ، فَافْتَقَرَ إِلَى التَّبْيِيتِ، لَانْتَقَضَ بِالنَّفْلِ، لِأَنَّهُ صَوْمٌ، وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى التَّبْيِيتِ، مَعَ أَنَّ فَرْضِيَّةَ الصَّوْمِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَبْيِيتِ النِّيَّةِ طَرْدِيٌّ لَا مُنَاسَبَةَ فِيهِ لَهُ.
قُلْتُ: وَفِي هَذَا نَظَرٌ، بَلْ وَجْهُ الْمُنَاسِبِ أَنَّ النِّيَّةَ تُمَيِّزُ الْعِبَادَةَ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَالْفَرْضَ مِمَّا يَشْتَدُّ اهْتِمَامُ الشَّرْعِ بِهِ، فَنَاسَبَ اعْتِبَارَ التَّبْيِيتِ، لِتَمْيِيزِ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْمَفْرُوضَةِ عَنِ الْعِبَادَةِ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهَا، بِخِلَافِ النَّفْلِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ الِاهْتِمَامَ بِهِ دُونَ الِاهْتِمَامِ بِالْفَرْضِ.
قَوْلُهُ: «وَإِنْ أَشَارَ الْوَصْفُ إِلَى اخْتِصَاصِ الدَّلِيلِ بِبَعْضِ صُوَرِ الْحُكْمِ، جَازَ إِنْ لَمْ تَكُنِ الْفُتْيَا عَامَّةً، وَإِنْ عَمَّتْ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ وَفَاءِ الدَّلِيلِ الْخَاصِّ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ الْعَامِّ» .
يَعْنِي أَنَّ وَصْفَ الْمُسْتَدِلِّ إِذَا أَشَارَ إِلَى اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِبَعْضِ صُوَرِهِ، فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ تَكُونَ فُتْيَاهُ - يَعْنِي جَوَابَهُ - عَامًّا أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ عَامًّا لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ الْخَاصَّ لَا يَفِي بِثُبُوتِ الْحُكْمِ الْعَامِّ.
مِثَالُهُ: مَا إِذَا قِيلَ لِلْمَالِكِيِّ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ تُزَوِّجَ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ عَامَّةَ النَّاسِ أَكْفَاءٌ لَهَا، فَلَا يُفْضِي ذَلِكَ إِلَى لُحُوقِ النَّقْصِ وَالْعَارِ بِهَا غَالِبًا، كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا وَلَيُّهَا، فَإِنَّ الْعِلَّةَ هَهُنَا تُشِيرُ إِلَى اخْتِصَاصِ جَوَازِ ذَلِكَ بِالدَّنِيَّةِ مِنَ النِّسَاءِ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، لِأَنَّ جَوَابَهُ بِجَوَازِ تَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا خَرَجَ عَامًّا، فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الدَّنِيَّةِ وَالشَّرِيفَةِ، وَتَعْلِيلُهُ خَاصٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute