للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُقْتَضِيهِ وُجُودًا وَعَدَمًا، لَمْ يَصِحَّ عُرْفًا الِاهْتِمَامُ بِسَلْبِ الْمَانِعِ إِلَّا عِنْدَ قِيَامِ الْمُقْتَضِي، وَإِلَّا فَالِاهْتِمَامُ بِسَبَبِ الْمُقْتَضِي أَوْلَى. أَوْ بِأَنْ يَقُولَ الْمُسْتَدِلُّ: إِذَا سَلَّمْتَ أَنَّ تَفَاوُتَ الْآلَةِ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ، فَالْقَتْلُ الْمُزْهِقُ هُوَ الْمُقْتَضِي، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ. وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِيلَادِ إِذَا سَلَّمْتَ أَنَّ وُجُوبَ الْقِيمَةِ لَا يَمْنَعُ الْمَهْرَ، فَالْمُتَقَضِّي لِوُجُوبِ الْمَهْرِ قَائِمٌ، وَهُوَ الْوَطْءُ فِي وَقْتٍ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لَهُ.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَدِلُّ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَلَا يَنْعَقِدُ عَلَى خِيَارِ الرُّؤْيَةِ كَالنِّكَاحِ، فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ: أَقُولُ بِمُوجِبِ هَذَا الدَّلِيلِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَلِمَ قُلْتَ: إِنَّهُ لَا يَصِحُّ؟ فَيَقُولُ الْمُسْتَدِلُّ: لِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَازِمٌ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ عِنْدَكَ، فَإِذَا سَلَّمْتَ انْتِفَاءَ لَازِمِهَا، لَزِمَكَ تَسْلِيمُ انْتِفَائِهَا، إِذْ لَا بَقَاءَ لِلْمَلْزُومِ بِدُونِ لَازِمِهِ.

وَمِنْهَا: أَنْ يُبَيِّنَ الْمُسْتَدِلُّ " أَنَّ النِّزَاعَ " إِنَّمَا هُوَ فِيمَا " يَعْرِضُ لَهُ "، إِمَّا " بِإِقْرَارٍ " أَوِ اعْتِرَافٍ مِنَ الْمُعْتَرِضِ بِذَلِكَ. مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إِنَّمَا فَرَضْنَا الْكَلَامَ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ لَا فِي ثُبُوتِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فِيهِ، وَوَقَعَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ بِاشْتِهَارٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعُرْفِ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا جَرَتِ الْعَادَةُ أَنْ يَقَعَ النِّزَاعُ فِيهَا فِي كَذَا لِصِحَّةِ الْبَيْعِ هَهُنَا، فَلَا يُسْمَعُ مِنَ الْمُعْتَرِضِ الْعُدُولُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ إِنْكَارٌ لِمَا اعْتَرَفَ بِهِ، وَفِي الثَّانِي نَوْعُ مُرَاوَغَةٍ وَمُغَالَطَةٍ وَدَعْوَى جَهْلٍ بِالْمَشْهُورَاتِ، كَمَنْ نَشَأَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَشَرِبَ أَوْ زَنَى مُدَّعِيًّا لِلْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَدِلُّ: الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ، وَوَطْءُ الثَّيِّبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>