. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَقَاصَرَ تَأْثِيرُهُ عَنِ الْمُحَدَّدِ أَوْرَثَ ذَلِكَ شُبْهَةً، وَالْقِصَاصُ حَدٌّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، " فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ " دِفَاعًا عَنْ مَذْهَبِهِ: " سَلَّمْتُ " أَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْآلَةِ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ؛ " لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْمَانِعِ " لِلْقِصَاصِ ثُبُوتُهُ، " بَلْ " إِنَّمَا يَلْزَمُ ثُبُوتُهُ " مِنْ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ " وَهُوَ السَّبَبُ الصَّالِحُ لِإِثْبَاتِهِ وَالنِّزَاعِ فِيهِ، وَلِهَذَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدِي بِالْقَتْلِ بِالسَّيْفِ، أَوِ السِّكِّينِ أَوْ نَحْوِهَا مِنَ الْآلَاتِ مَعَ تَفَاوُتِهَا، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ صَالِحَةً لِلْإِزْهَاقِ بِالسَّرَيَانِ فِي الْبَدَنِ بِخِلَافِ الْمُثَقَّلِ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الْقِسْمِ: أَنْ يَقُولَ الشَّفْعَوِيُّ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِيلَادِ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ: إِنَّ وُجُوبَ الْقِيمَةِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْمَهْرِ، لِأَنَّهَا بِوُجُوبِ الْقِيمَةِ عَلَى الْأَبِ صَارَتْ مِلْكًا لَهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ مَهْرُ مِلْكِهِ. فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ: أُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْمَهْرِ، لَكِنَّ النِّزَاعَ فِي وُجُوبِ الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِ الْمَهْرِ، إِذِ الْحُكْمُ ثَبَتَ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي، لَا لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ.
قَوْلُهُ: " وَجَوَابُهُ: بِبَيَانِ لُزُومِ حُكْمِ مَحَلِّ النِّزَاعِ مِمَّا ذَكَرَهُ إِنْ أَمْكَنَ، أَوْ بِأَنَّ النِّزَاعَ مَقْصُورٌ عَلَى مَا يَعْرِضُ لَهُ بِإِقْرَارٍ، أَوِ اشْتِهَارٍ، وَنَحْوِهِ ". أَيْ: وَجَوَابُ هَذَا الْقَوْلِ بِالْمُوجَبِ بِطُرُقٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُبَيِّنَ الْمُسْتَدِلُّ لُزُومَ حُكْمِ مَحَلِّ النِّزَاعِ بِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي دَلِيلِهِ إِنْ أَمْكَنَهُ بَيَانُهُ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ فِي الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ: يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ التَّفَاوُتِ فِي الْآلَةِ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ وُجُودُ مُقْتَضَى الْقِصَاصِ إِمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ وُجُودَ الْمَانِعِ وَعَدَمَهُ قِيَامُ الْمُقْتَضِي، إِذْ لَا يَكُونُ الْوَصْفُ مَانِعًا بِالْفِعْلِ إِلَّا لِمُعَارَضَةِ الْمُقْتَضِي، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي وَجُودَهُ. وَلِذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute