. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَمَّا الْمُصَوِّبَةُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَتَوَقَّفُ، وَقَالَ الْقَاضِي مِنْهُمْ: يَتَخَيَّرُ.
قَوْلُهُ: «لَنَا:» إِلَى آخِرِهِ. هَذِهِ حُجَّةُ التَّوَقُّفِ. وَتَقْرِيرُهَا: أَنَّ الدَّلِيلَيْنِ إِذَا تَعَارَضَا، فَإِمَّا أَنْ يُعْمِلَهُمَا، أَيْ: يَعْمَلَ بِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ يُعْمِلَ أَحَدَهُمَا. وَالْأَوَّلُ يُوجِبُ الْجَمْعَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ؛ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ، وَهُوَ بَاطِلٌ، وَالثَّانِي تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَهُوَ تَحَكُّمٌ، «فَتَعَيَّنَ التَّوَقُّفُ عَلَى ظُهُورِ الْمُرَجِّحِ» .
وَيَرِدُ عَلَى هَذَا الدَّلِيلِ أَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهِ غَيْرُ حَاصِرَةٍ، إِذْ بَقِيَ قِسْمَانِ آخَرَانِ:
أَحَدُهُمَا: إِهْمَالُ الدَّلِيلَيْنِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى مَا قَبْلَ الشَّرْعِ.
وَالثَّانِي: التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مُدَّعَى الْخَصْمِ، وَالْقِسْمَانِ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لَهُمَا.
قَوْلُهُ: «قَالُوا:» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذِهِ حُجَّةُ أَصْحَابِ التَّخْيِيرِ، وَهِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّوَقُّفَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَا إِلَى غَايَةٍ، أَوْ إِلَى غَايَةٍ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ، لِأَنَّ «التَّوَقُّفَ لَا إِلَى غَايَةٍ تَعْطِيلٌ» لِلْوَاقِعَةِ عَنْ حُكْمٍ، وَرُبَّمَا لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ قَابِلًا لِلتَّأْخِيرِ، وَالثَّانِي أَيْضًا بَاطِلٌ، لِأَنَّ غَايَةَ التَّوَقُّفِ إِمَّا مَجْهُولَةٌ أَوْ مَعْلُومَةٌ، وَالْأَوَّلُ مُمْتَنِعٌ، لِأَنَّهُ يُوقِعُ الْجَهَالَةَ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَلَيْسَ شَأْنُهَا ذَلِكَ، وَالثَّانِي بَاطِلٌ أَيْضًا، لِأَنَّ ظُهُورَ الْمُرَجِّحِ لَيْسَ إِلَى الْمُجْتَهِدِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ غَايَةُ التَّوَقُّفِ مَعْلُومَةً، وَإِذَا انْتَفَى التَّوَقُّفُ إِلَى غَايَةٍ أَوْ إِلَى غَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute