. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غَايَةٍ؛ تَعَيَّنَ التَّخْيِيرُ، وَهُوَ أَنْ يَعْمَلَ بِأَيِّ الدَّلِيلَيْنِ شَاءَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الشَّرْعَ قَدْ وَرَدَ بِالتَّخْيِيرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُمْتَنِعًا هَهُنَا.
أَمَّا وُرُودُ الشَّرْعِ بِهِ، فَفِي صُوَرٍ:
مِنْهَا: أَنَّ الْمُزَكِّيَ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ مِائَتَانِ مِنَ الْإِبِلِ، خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهَا أَرْبَعَ حِقَاقٍ، أَوْ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ؛ عَلَى حِسَابِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حَقَّةٌ. فَقَدْ وُجِدَ مُقْتَضَى إِخْرَاجِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْعَامِّيَّ إِذَا أَفْتَاهُ مُجْتَهِدَانِ، يُخَيَّرُ بَيْنَ قَوْلَيْهِمَا، أَوْ إِذَا وَجَدَ مُجْتَهِدَيْنِ يُخَيَّرُ بَيْنَ اسْتِفْتَاءِ أَيِّهِمَا شَاءَ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُصَلِّيَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ يَتَخَيَّرُ فِي اسْتِقْبَالِ أَيِّ جُدْرَانِهَا شَاءَ.
وَمِنْهَا: فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ. وَنَحْوَ هَذِهِ الصُّوَرِ مِنْ صُوَرِ التَّخْيِيرِ وَاقِعٌ فِي الشَّرْعِ.
وَأَمَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْتَنِعَ التَّخْيِيرُ هَهُنَا، فَلِأَنَّهَا صُوَرٌ شَرْعِيَّةٌ، فَجَازَ التَّخْيِيرُ فِيهَا كَسَائِرِ صُوَرِ الشَّرْعِ التَّخْيِيرِيَّةِ.
قَوْلُهُ: «قُلْنَا:» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا جَوَابٌ عَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إِذَا امْتَنَعَ التَّوَقُّفُ تَعَيَّنَ التَّخْيِيرُ، بَلْ «يَتَوَقَّفُ حَتَّى يَظْهَرَ» لَهُ «الْمُرَجِّحُ، وَلَا اسْتِحَالَةَ» فِي ذَلِكَ، «كَمَا يَتَوَقَّفُ إِذَا لَمْ يَجِدْ دَلِيلًا ابْتِدَاءً» حَتَّى يَجِدَ دَلِيلًا، كَمَا يَتَوَقَّفُ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْمُرَجِّحِ.
أَمَّا «التَّخْيِيرُ» فَإِنَّهُ «رَافِعٌ لِحُكْمِ كُلِّ» وَاحِدٍ مِنَ «الدَّلِيلَيْنِ» ، فَلَا يَجُوزُ، إِذْ