للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

انْتَهَى. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَبِهَذَا أَقُولُ.

قَوْلُهُ: " لَنَا: إِلَى آخِرِهِ ". هَذَا تَوْجِيهٌ لِبُطْلَانِ إِطْلَاقِ الْقَوْلَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَرَدٌّ عَلَى مَنْ رُبَّمَا يُجِيزُهُ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَا فَاسِدَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، أَوْ صَحِيحَيْنِ، فَإِنْ كَانَا فَاسِدَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا؛ فَإِمَّا أَنْ يَعْلَمَ بِالْفَسَادِ أَوْ لَا، فَإِنْ عَلِمَ بِفَسَادِهِمَا، فَالْقَوْلُ بِهِمَا حَرَامٌ، إِذْ لَا قَوْلَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَصْلًا، إِذْ لَا يُسْمَعُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ إِلَّا الصَّحِيحُ، دُونَ الْفَاسِدِ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْفَاسِدُ أَحَدَهُمَا، وَعَلِمَ بِهِ، " فَلَا قَوْلَيْنِ "، بَلْ هُوَ قَوْلٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْفَاسِدَ مِنْ قَوْلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْفَاسِدُ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا " فَلَيْسَ عَالِمًا بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ، فَلَا قَوْلَ لَهُ فِيهَا، فَيَلْزَمُهُ التَّوَقُّفُ أَوِ التَّخْيِيرُ "، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ التَّوَقُّفِ أَوِ التَّخْيِيرِ " قَوْلٌ وَاحِدٌ لَا قَوْلَيْنِ "، وَإِنْ كَانَا صَحِيحَيْنِ، فَالْقَوْلُ بِهِمَا مُحَالٌ لِاسْتِلْزَامِهِمَا التَّضَادَّ الْكُلِّيَّ أَوِ الْجُزْئِيَّ.

الْإِشَارَةُ بِهَذَا إِلَى الْأَقْوَالِ الْمُتَقَابِلَةِ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَالْوَسَائِطِ التَّفْصِيلِيَّةِ بَيْنَهُمَا، فَفِي الْأَقْوَالِ الْمُتَقَابِلَةِ يَلْزَمُ التَّضَادُّ الْكُلِّيُّ، وَفِي بَعْضِهَا مَعَ الْوَسَائِطِ التَّفْصِيلِيَّةِ يَلْزَمُ التَّضَادُّ الْجُزْئِيُّ.

مِثَالُهُ: أَنَّ عَنْ أَحْمَدَ فِي إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَنْ بَلَدِهَا إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: النَّفْيُ، وَالْإِثْبَاتُ، وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ إِلَى الثُّغُورِ دُونَ غَيْرِهَا، فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ؛ لَكَانَ هَذَا تَضَادًّا كُلِّيًّا، بِمَعْنَى أَنَّ الْجَوَازَ الْكُلِّيَّ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِ الزَّكَاةِ وَأَمَاكِنِ إِخْرَاجِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>