. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَابَلَ الْمَنْعَ الْكُلِّيَّ فِي ذَلِكَ. وَلَوْ قَالَ: لَا يَجُوزُ، وَيَجُوزُ إِلَى الثُّغُورِ خَاصَّةً؛ لَكَانَ هَذَا تَضَادًّا جُزْئِيًّا؛ بِمَعْنَى أَنَّ الْمَنْعَ الْكُلِّيَّ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِ الزَّكَاةِ قَابَلَ الْجَوَازَ الْجُزْئِيَّ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الزَّكَاةِ، بِالْإِضَافَةِ إِلَى بَعْضِ أَمَاكِنِ إِخْرَاجِهَا وَهِيَ الثُّغُورُ. وَهَذَا اصْطِلَاحٌ لِي ذَكَرْتُهُ، فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا أَوْ مَعْرُوفًا، وَإِلَّا فَهَا قَدْ بَيَّنْتُهُ، وَالْأَحْكَامُ الْمُتَقَابِلَةُ وَوَسَائِطُهَا كَثِيرَةٌ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ، وَتِلْكَ الْوَسَائِطُ رَاجِعَةٌ فِي الْأَكْثَرِ إِلَى قِيَاسِ الشَّبَهِ كَمَا سَبَقَ.
وَقَدْ وَقَعَ تَقْرِيرُ هَذَا الدَّلِيلِ عَلَى خِلَافِ تَرْتِيبِهِ فِي " الْمُخْتَصَرِ "، إِذْ هُوَ فِيهِ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ: إِنْ كَانَ الْقَوْلَانِ فَاسِدَيْنِ، وَعَلِمَ الْمُجْتَهِدُ فَسَادَهُمَا، فَالْقَوْلُ بِهِمَا حَرَامٌ، فَلَا قَوْلَ لَهُ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ الْفَاسِدُ أَحَدَهُمَا فَكَذَلِكَ، أَيْ: فَالْقَوْلُ بِهِ حَرَامٌ فَلَا قَوْلَيْنِ، بَلْ هُوَ قَوْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْفَاسِدِ، وَإِنْ كَانَا صَحِيحَيْنِ، فَالْقَوْلُ بِهِمَا مُحَالٌ لِاسْتِلْزَامِهِمَا التَّضَادَّ الْمَذْكُورَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْفَاسِدَ، أَيْ: إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِهِمَا أَوْ فَسَادِ أَحَدِهِمَا، فَلَيْسَ عَالِمًا بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ، فَلَا قَوْلَ لَهُ فِيهَا، فَيَلْزَمُهُ التَّوَقُّفُ أَوِ التَّخْيِيرُ، وَهُوَ قَوْلٌ وَاحِدٌ لَا قَوْلَيْنِ.
قَوْلُهُ: " وَأَحْسَنُ مَا يُعْتَذَرُ بِهِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ تَعَارَضَ عِنْدَهُ الدَّلِيلَانِ "، يَعْنِي دَلِيلَا الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ، " فَقَالَ بِمُقْتَضَاهُمَا "، أَيْ: أَطْلَقَ الْقَوْلَ بِذَلِكَ " عَلَى شَرِيطَةِ التَّرْجِيحِ "، أَيْ: بِشَرْطِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِمَا بَعْدُ، فَيُرَجِّحَ مَا ظَهَرَ رُجْحَانُهُ. وَاتَّفَقَ أَنَّهُ مَاتَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبْلَ أَنْ يُرَجِّحَ الْمَسَائِلَ السَبْعَ عَشْرَةَ الْمَذْكُورَةَ.
قَالَ الْقَرَافِيُّ: إِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقُولَ الْمُجْتَهِدُ: فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ؛ مَعَ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُ الرُّجْحَانُ؟ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُمَا احْتِمَالَانِ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَالِمٌ، لِتَقَارُبِهِمَا مِنَ الْحَقِّ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute