. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إِلَى أَنَّهُمَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ.
قَالَ الْآمِدِيُّ: إِنْ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ بِطَرِيقِ الْحِكَايَةِ عَنْ غَيْرِهِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ قَوْلًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقِ الِاعْتِقَادِ لَهُمَا مَعًا؛ فَهُوَ مُحَالٌ، وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقِ التَّخْيِيرِ بَيْنَهُمَا كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ؛ فَهُوَ قَوْلٌ وَاحِدٌ لَا أَقْوَالَ. وَهَذَا مَوْضِعُهُ عِنْدَ ذِكْرِ دَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ، لَكِنِّي اسْتَدْرَكْتُهُ هَهُنَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ مَعْنَاهُ.
قُلْتُ: وَالْقَوْلَانِ اللَّذَانِ حَكَيْنَاهُمَا عَنْ أَحْمَدَ، الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ لَهُ، أَطْلَقَ الْقَوْلَ بِهِمَا عَلَى شَرِيطَةِ التَّرْجِيحِ، وَقَدْ عَقَّبَهُمَا بِهِ حَيْثُ قَالَ: وَهَذَا أَعْجَبُ الْقَوْلَيْنِ إِلَيَّ، وَحِكَايَتُهُ لَهُمَا عَنِ الْعُلَمَاءِ خِلَافُ الظَّاهِرِ، لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَصْلَ إِضَافَةُ الْكَلَامِ إِلَى مَنْ صَدَرَ مِنْهُ.
الثَّانِي: لَوْ حَكَاهُمَا عَنْ غَيْرِهِ، لَبَيَّنَ ذَلِكَ، حَذَرًا مِنَ التَّلْبِيسِ عَلَى السَّامِعِ، وَتَرَدُّدِهِ بَيْنَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُهُ أَوْ غَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: " وَمَا حُكِيَ عَنْهُ "، أَيْ: عَنِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - " مِنَ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ " وَالرِّوَايَتَيْنِ " عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتَيْنِ، لَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ لَا تَنَاقُضَ فِيهِ، لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ تَابِعٌ لِظُهُورِ الدَّلِيلِ عِنْدَهُ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ، فَتَارَةً يَظْهَرُ وَتَارَةً لَا يَظْهَرُ، فَتَخْتَلِفُ أَقْوَالُهُ فِي الْأَوْقَاتِ لِذَلِكَ، كَمَا تَخْتَلِفُ نُصُوصُ صَاحِبِ الشَّرْعِ بِاخْتِلَافِ الْمَصَالِحِ أَوِ الْوَحْيِ أَوِ الِاجْتِهَادِ، وَكَثِيرًا مَا يَقُولُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كُنْتُ أَقُولُ كَذَا ثُمَّ تَرَكْتُهُ، أَوْ جَبُنْتُ عَنْهُ، كَقَوْلِهِ فِي الْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ: كُنْتُ أَقُولُ: يَمْضِي فِي صِلَاتِهِ، ثُمَّ تَدَبَّرْتُ فَإِذَا أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّهُ يَخْرُجُ. وَقَوْلُهُ: كُنْتُ أَقُولُ: إِنَّ مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ لَا يَكْفُرُ، ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا الْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute