. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمَنْصُوصَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ تَلَقِّيًا مِنْ فِيهِ، مِنْ أَجْوِبَتِهِ فِي سُؤَالَاتِهِ وَفَتَاوِيهِ، فَكُلُّ مَنْ رَوَى مِنْهُمْ عَنْهُ شَيْئًا دَوَّنَهُ، وَعُرِفَ بِهِ كَمَسَائِلِ أَبِي دَاوُدَ، وَحَرْبٍ الْكِرْمَانِيِّ، وَمَسَائِلِ حَنْبَلٍ، وَابْنَيْهِ صَالِحٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَإِسْحَاقِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَالْمَرُّوذِيِّ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ ذَكَرَهُمْ أَبُو بَكْرٍ فِي أَوَّلِ " زَادِ الْمُسَافِرِ " وَهُمْ كَثِيرٌ، وَرَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، ثُمَّ انْتُدِبَ لِجَمْعِ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ فِي " جَامِعِهِ الْكَبِيرِ "، ثُمَّ تِلْمِيذُهُ أَبُو بَكْرٍ فِي " زَادِ الْمُسَافِرِ "، فَحَوَى الْكِتَابَانِ عِلْمًا جَمًّا مِنْ عِلْمِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ مِنْهُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ الْإِخْبَارُ بِصَحِيحِ مَذْهَبِهِ فِي تِلْكَ الْفُرُوعِ، غَيْرَ أَنَّ الْخَلَّالَ يَقُولُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ لِأَحْمَدَ رَجَعَ عَنْهُ، لَكِنَّ ذَلِكَ يَسِيرُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ مِنْهَا، وَنَحْنُ لَا يَصِحُّ لَنَا أَنْ نَجْزِمَ بِمَذْهَبِ إِمَامٍ حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّهُ آخِرُ مَا دَوَّنَهُ مِنْ تَصَانِيفِهِ وَمَاتَ عَنْهُ، أَوْ أَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ سَاعَةَ مَوْتِهِ، وَلَا سَبِيلَ لَنَا إِلَى ذَلِكَ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَالتَّصْحِيحُ الَّذِي فِيهِ، إِنَّمَا هُوَ مِنِ اجْتِهَادِ أَصْحَابِهِ بَعْدَهُ، كَابْنِ حَامِدٍ، وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ، وَمِنِ الْمُتَأَخِّرِينَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، لَكِنَّ هَؤُلَاءِ بَالِغِينَ مَا بَلَغُوا، لَا يَحْصُلُ الْوُثُوقُ مِنْ تَصْحِيحِهِمْ لِمَذْهَبِ أَحْمَدَ، كَمَا يَحْصُلُ مِنْ تَصْحِيحِهِ هُوَ لِمَذْهَبِهِ قَطْعًا، فَمَنْ فَرَضْنَاهُ جَاءَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ، وَبَلَغَ مِنَ الْعِلْمِ دَرَجَتَهُمْ أَوْ قَارَبَهُمْ، جَازَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْأَقْوَالِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ كَتَصَرُّفِهِمْ، وَيُصَحِّحَ مِنْهَا مَا أَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَيْهِ، وَافَقَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، وَعَمِلَ بِذَلِكَ وَأَفْتَى. وَفِي عَصْرِنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْعَالِمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute