. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذَكَرَ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْكُفْرَ «إِنْكَارُ مَا عُلِمَ كَوْنُهُ مِنَ الدِّينِ ضَرُورَةً» ، فَلَا يَكْفُرُ أَحَدٌ بِإِنْكَارِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُصُولِ الضَّرُورِيَّةِ، كَمَسْأَلَةِ الْقَدْرِ، وَالْحَرْفِ، وَالصَّوْتِ، وَنَحْوِهَا عَلَى مَا قَرَّرْتُهُ فِي كِتَابِ «إِبْطَالِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ» .
قُلْتُ: وَهَذَا كَالتَّقْرِيرِ لِلضَّابِطِ الْمَذْكُورِ فِي نَفْيِ الْإِثْمِ عَمَّنْ أَخْطَأَ الْحَقَّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكُفْرَ إِذَا انْحَصَرَ فِي إِنْكَارِ الضَّرُورِيَّاتِ، فَالضَّرُورِيَّاتُ لَا يُخْطِئُ فِيهَا أَحَدٌ عَامِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ، فَيَبْقَى مَا عَدَا الضَّرُورِيَّاتِ «هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ» مُصَنِّفِ «الرَّوْضَةِ» «فِي رِسَالَتِهِ» ، وَهِيَ رِسَالَةٌ رَدَّ فِيهَا عَلَى بَعْضِ الْحَرَّانِيِينَ قَوْلَهُ بِتَكْفِيرِ كُلِّ مُبْتَدِعٍ فِي مَسَائِلِ الْعَقَائِدِ، كَالْأَشْعَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَ «لَمْ يُكَفِّرْ أَحَدًا» مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ غَيْرَ الْمُعَانِدِينَ وَمُنْكِرِي الضَّرُورِيَّاتِ لِقَصْدِهِمُ الْحَقَّ مَعَ اسْتِبْهَامِ طَرِيقِهِ.
قُلْتُ: فَهُمْ بِقَصْدِ الْحَقِّ مُثَابُونَ أَوْ غَيْرُ آثِمِينَ، وَبِاسْتِبْهَامِ طَرِيقِهِ مَعْذُورُونَ.
وَهَذَا يُشِيرُ إِلَى قَاعِدَةٍ قَرَّرْتُهَا فِي ذَلِكَ فِي «الْقَوَاعِدِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى» وَكِتَابِ «إِبْطَالِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ» .
أَمَّا مُنْكِرُو الضَّرُورَاتِ، فَيَلْزَمُهُمُ الْعِنَادُ، لِأَنَّ مَنْ يَعِشْ خَمْسِينَ سَنَةً بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ يَقُولُ: الصَّلَاةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَالزِّنَا غَيْرُ مُحَرَّمٍ، فَهَذَا لَا يُرْتَابُ فِي أَنَّهُ مُعَانِدٌ، وَكَذَلِكَ مَنِ اعْتَقَدَ فِي اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِهِ، كَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ جِسْمٌ ; وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْجِسْمِيَّةَ لَا تَلِيقُ بِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ مُسْتَهْزِئٌ بِالْحُرْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ، مُتَلَاعِبٌ بِهَا، فَهَذَانِ يَكْفُرَانِ، وَمَنْ سِوَاهُمْ، فَلَا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute