للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

{إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} [فُصِّلَتْ: ٤٣] ، {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الْمَائِدَةِ: ٩٨] ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ وُزِنَ خَوْفُ الْمُؤْمِنِ وَرَجَاؤُهُ لَاعْتَدَلَا وَهُوَ كَثِيرٌ. فَإِذَا تَعَارَضَ الْحَاظِرُ وَالْمُبِيحُ، أَوْ مَا تَضَمَّنَ وَعِيدًا أَوْ غَيْرَهُ، احْتَمَلَ الْخِلَافُ لِمَا ذَكَرْنَا. وَهُوَ أَيْضًا يُشْبِهُ مَا سَبَقَ فِيمَا إِذَا تَعَارَضَتْ فُتْيَا الْمُجْتَهِدِينَ عِنْدَ الْمُقَلِّدِ هَلْ يَأْخُذُ بِالْأَخَفِّ، أَوْ بِالْأَثْقَلِ نَظَرًا إِلَى الدَّلِيلِ الْمُتَعَارِضِ هُنَاكَ، أَوْ إِلَى الِاحْتِيَاطِ تَارَةً، وَإِلَى عُمُومِ التَّخْفِيفِ فِي الشَّرِيعَةِ أُخْرَى.

قَوْلُهُ: " وَالنَّاقِلُ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ عَلَى غَيْرِهِ "، أَيْ: وَيُرَجَّحُ النَّصُّ أَوِ الدَّلِيلُ النَّاقِلُ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ عَلَى الْمُقَرَّرِ عَلَيْهِ. " وَفِيهِمَا خِلَافٌ ": هَلْ يُقَدَّمُ النَّاقِلُ، أَوِ الْمُقَرَّرُ؟

مِثَالُهُ: أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَطْعُومَاتِ الْحِلُّ، فَلَوْ وَرَدَ بِإِبَاحَةِ الثَّعْلَبِ حَدِيثٌ ; وَحَدِيثٌ بِتَحْرِيمِهِ ; فَهَلْ يُرَجَّحُ دَلِيلُ الْإِبَاحَةِ لِمُوَافَقَتِهِ أَصْلَ الْحِلِّ وَاعْتِضَادِهِ بِهِ، فَهُمَا دَلِيلَانِ، فَيُرَجَّحَانِ عَلَى دَلِيلٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ دَلِيلُ الْحَظْرِ، أَوْ يُرَجَّحُ الْحَاظِرُ، لِأَنَّهُ نَاقِلٌ عَنْ أَصْلِ الْحِلِّ، فَهُوَ مُفِيدٌ فَائِدَةَ زِيَادَةٍ، وَهِيَ التَّحْرِيمُ؟ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ. وَكَذَلِكَ وَرَدَ فِي الضَّبُعِ أَنَّهَا صَيْدٌ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ فِي الْإِحْرَامِ، وَهُوَ يُفِيدُ إِبَاحَتَهَا، وَثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَهِيَ ذَاتُ نَابٍ، وَهُوَ يُفِيدُ تَحْرِيمَهَا، فَالْأَوَّلُ مُقَرِّرٌ لِإِبَاحَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ، وَالثَّانِي نَاقِلٌ عَنْ أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، فَأَيُّهُمَا يُقَدَّمُ؟ وَالْأَشْبَهُ تَقْدِيمُ الْمُقَرَّرِ لِاعْتِضَادِهِ بِدَلِيلِ الْأَصْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>