للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَعَلَى هَذَا تَنْبَنِي بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ، وَهُوَ مَا إِذَا ادَّعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ، فَالدَّاخِلُ مَنْ فِي يَدِهِ الْعَيْنُ، وَالْخَارِجُ مَنْ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ، لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ اعْتَضَدَتْ بِيَدِهِ عَلَى الْعَيْنِ فَهُمَا دَلِيلَانِ، وَالْخَارِجُ إِنَّمَا مَعَهُ الْبَيِّنَةُ فَقَطْ.

وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ، لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ عَنْ دَلَالَةِ الْيَدِ الَّتِي هِيَ كَالْأَصْلِ، وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ لِمَا ذَكَرْنَا، وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ لِأَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالْأَشْبَهُ بِقَوَاعِدِهِ وَقَوَاعِدِ غَيْرِهِ فِي اعْتِبَارِ التَّرْجِيحِ بِمَا يَصْلُحُ لَهُ، وَالْيَدُ صَالِحَةٌ لِلتَّرْجِيحِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ خَارِجًا بِأَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ، أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا.

قَوْلُهُ: " وَلَا يُرَجَّحُ مُسْقِطُ الْحَدِّ وَمُوجِبُ الْحُرِّيَّةِ عَلَى غَيْرِهِمَا ". أَيْ: إِذَا تَعَارَضَ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا يُسْقِطُ حَدًّا، وَالْآخَرُ يُوجِبُهُ ; أَوْ أَحَدُهُمَا يُوجِبُ الْحُرِّيَّةَ، وَالْآخَرُ يَمْنَعُهَا ; لَمْ يُرَجَّحْ مُسْقِطُ الْحَدِّ وَمُوجِبُ الْحُرِّيَّةِ عَلَى مُقَابِلِهَا، " إِذْ لَا تَأْثِيرَ لِذَلِكَ فِي صِدْقِ الرَّاوِي ".

" وَقِيلَ ": بَلْ يُرَجَّحُ مُسْقِطُ الْحَدِّ وَمُوجِبُ الْحُرِّيَّةِ " لِمُوَافَقَتِهِمَا الْأَصْلَ "، إِذِ الْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ، وَالْأَصْلُ ثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ.

قُلْتُ: فَهُوَ مِنْ بَابِ تَعَارُضِ النَّاقِلِ وَالْمُقَرِّرِ.

قُلْتُ: وَقَوْلُنَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: " لَا تَأْثِيرَ لِذَلِكَ فِي صِدْقِ الرَّاوِي " وَهْمٌ تَابَعْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>