. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَهُوَ الدُّعَاءُ، لِأَنَّهُ أَنْسَبُ فِي الْعَقْلِ مِنْ مُسَمَّاهَا الشَّرْعِيِّ، لِأَنَّهُ حَرَكَةٌ مَحْضَةٌ لَا يَلْحَقُ الشَّرْعُ مِنْهَا نَفْعٌ، وَلَا يَتَوَقَّفُ نَفْعُ الْمُكَلَّفِ عَلَيْهَا، إِذْ كَمْ مِنْ شَخْصٍ حَصَلَ لَهُ الْفَوْزُ الْأُخْرَوِيُّ بِغَيْرِ عَمَلٍ.
وَمِنْهَا: إِذَا تَنَازَعَ النَّصَّ مَحْمَلَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَلْزِمُ التَّخْصِيصَ، وَالْآخَرُ يَسْتَلْزِمُهُ، فَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
مِثَالُهُ: قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النِّسَاءِ: ٣] ، يَقُولُ الْمُسْتَدِلُّ: الْمُرَادُ بِالْمُسْتَطَابِ الْحَلَالُ طَبْعًا، فَيَتَنَاوَلُ جَوَازُ نِكَاحِ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ أُخْتِهَا، وَلَا تُوطَأُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، فَيَقُولُ الْخَصْمُ: بَلِ الْمُرَادُ بِالْمُسْتَطَابِ: الْحَلَالُ، فَلَا يُنَاوِلُهَا، فَيُقَالُ: هَذَا يُوجِبُ تَخْصِيصَ الْعَامِّ، وَالْمَحْمَلُ الْأَوَّلُ يُبْقِيهِ عَلَى عُمُومِهِ، فَيَكُونُ أَوْلَى.
قُلْتُ: وَفِي هَذَا نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعُمُومَ مَخْصُوصٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ بِذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ إِلَى تَرْجِيحِ الْأَقَلِّ تَخْصِيصًا عَلَى الْأَكْثَرِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ النِّزَاعَ إِنَّمَا هُوَ فِي لَفْظٍ مُشْتَرَكٍ وَهُوَ «طَابَ» ، فَعَلَى أَيِّ مَحْمَلَيْهِ حُمِلَ، كَانَ عَامًّا فِي مَدْلُولِهِ، إِنْ حُمِلَ عَلَى مَا طَابَ طَبْعًا، فَهُوَ عَامٌّ فِيهِ، وَحِينَئِذٍ النِّزَاعُ بِمَعْزِلٍ عَنْ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ.
وَمِنْهَا: إِذَا كَانَ أَحَدُ مَحْمَلَيِ النَّصِّ يَسْتَلْزِمُ التَّعَارُضَ، وَالْآخَرُ لَا يَسْتَلْزِمُهُ، فَالثَّانِي أَوْلَى، وَمَثَّلَ بِقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النِّسَاءِ: ٢٥] ; حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute