. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُبْهَمًا فِي أَقْسَامٍ مَحْصُورَةٍ، كَإِحْدَى خِصَالِ الْكَفَّارَةِ، كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [الْمَائِدَةِ: ٨٩] .
قُلْتُ: وَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى قَوْلِنَا: فِي أَقْسَامٍ مَحْصُورَةٍ، لِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: اخْدِمْنِي الْيَوْمَ نَوْعًا مِنَ الْخِدْمَةِ، أَيَّ أَنْوَاعِهَا شِئْتَ، أَوْ تَصَدَّقْ عَنِّي بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ مَالِي، أَيَّهَا شِئْتَ، أَوْ أَكْرِمْ شَخْصًا مِنَ النَّاسِ، أَوْ مِنْ أَصْحَابِي أَيَّهُمْ شِئْتَ، صَحَّ هَذَا الْكَلَامُ عَقْلًا، وَخَرَجَ بِهِ عَنِ الْعُهْدَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْأَقْسَامُ مَحْصُورَةً فِي الْخِطَابِ.
وَلَكِنَّ الشَّيْخَ أَبَا مُحَمَّدٍ تَابَعَ أَبَا حَامِدٍ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَذَكَرَ صِفَةَ الْحَصْرِ وَهِيَ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ.
«وَقَالَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ: الْجَمِيعُ وَاجِبٌ» وَهَذَا مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ وَابْنِهِ أَبِي هَاشِمٍ. أَطْلَقَا الْقَوْلَ بِوُجُوبِ جَمِيعِ الْخِصَالِ عَلَى التَّخْيِيرِ.
قَوْلُهُ: «وَهُوَ لَفْظِيٌّ» يَعْنِي الْخِلَافَ بَيْنَ الْجُمْهُورِ، وَبَيْنَ أَصْحَابِ هَذَا الْقَوْلِ. وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي «شَرْحِ الْعَهْدِ» بِأَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ، أَيْ: فِي اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ جَمِيعَ الْخِصَالِ، لَمْ يُثَبْ ثَوَابَ أَدَاءِ الْوَاجِبِ إِلَّا عَلَى وَاحِدَةٍ، وَلَوْ تَرَكَ الْجَمِيعَ، لَمْ يُعَاقَبْ عِقَابَ تَرْكِ الْوَاجِبِ إِلَّا عَلَى وَاحِدَةٍ، وَلَوْ وَجَبَ الْجَمِيعُ، لَتَرَتَّبَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ عَلَى جَمِيعِ الْخِصَالِ، وَتَقَدَّرَ بِهِ، وَلَمَا خَرَجَ عَنْ عُهْدَةِ التَّكْلِيفِ بِفِعْلِ وَاحِدَةٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute