. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِالْإِجْمَاعِ. وَوَافَقَ الْخَصْمُ عَلَى هَذَا فَلَمْ يَبْقَ النِّزَاعُ إِلَّا فِي اللَّفْظِ. غَيْرَ أَنَّ نَصْبَ الْخِلَافِ مَعَهُمْ جَرَى عَلَى عَادَةِ الْأُصُولِيِّينَ، وَدَفْعًا لِشُبْهَةِ غَالِطٍ إِنْ كَانَ.
ثُمَّ إِنَّ قَوْلَهُمْ: يَجِبُ الْجَمِيعُ عَلَى التَّخْيِيرِ، كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ فِي نَفْسِهِ، إِذْ مُقْتَضَى وُجُوبُ الْجَمِيعِ: أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ. وَمُقْتَضَى التَّخْيِيرِ: أَنَّهُ يَبْرَأُ بِفِعْلِ أَيِّهَا شَاءَ، وَهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ بِوُجُوبِ الْجَمِيعِ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُ الْجَمِيعِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ فِعْلِ الْجَمِيعِ، أَوْ وُجُوبُ الْجَمِيعِ عَلَى الْبَدَلِ، لَا عَلَى الْجَمْعِ. بِمَعْنَى: إِنْ لَمْ تَفْعَلْ هَذَا افْعَلْ هَذَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي مَعْنَاهُ: إِنَّ الْوُجُوبَ تَعَلُّقٌ بِالْجَمِيعِ عَلَى وَجْهٍ تَبْرَأُ الذِّمَّةُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَهُوَ مَعْنَى مَا قُلْنَاهُ: وَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ.
وَأَقُولُ: إِنَّ الْغَلَطَ فِي الْمَسْأَلَةِ، إِمَّا مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ الْوُجُوبَ مَعَ التَّخْيِيرِ لَا يَجْتَمِعَانِ، أَوْ مِنَ الْجُمْهُورِ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ، بِأَنْ رَأَوْا لَهُمْ عِبَارَةً مُوهِمَةً أَوْ بَعِيدَةَ الْغَوْرِ، فَظَنُّوا أَنَّهُمْ أَرَادُوا وُجُوبَ الْجَمِيعِ، كَمَا وَهَّمُوا عَلَيْهِمْ فِي تَلْخِيصِ مَسْأَلَةِ تَحْسِينِ الْعَقْلِ وَتَقْبِيحِهِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تُوجَدُ فِي كُتُبِ الْمُعْتَزِلَةِ، عَلَى خِلَافِ الْمَنْقُولِ عَنْهُمْ فِيهَا، كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ «رَدِّ الْقَوْلِ الْقَبِيحِ بِالتَّحْسِينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute