للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بَيْنَهُمَا، وَالشَّكُّ، نَحْوَ: جَاءَنِي زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو، وَأَنْتَ لَا تَدْرِي الْآتِيَ مِنْهُمَا، وَالْإِبْهَامُ نَحْوَ: جَاءَنِي زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو، وَأَنْتَ تَعْلَمُ الْآتِيَ مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا قَصَدْتَ الْإِبْهَامَ عَلَى السَّامِعِ خَشْيَةَ مَفْسَدَةِ التَّعْيِينِ. وَالتَّنْوِيعُ: نَحْوَ: الْعَدَدُ إِمَّا زَوْجٌ أَوْ فَرْدٌ، قَالَهُ الْمُبَرِّدُ.

قُلْتُ: وَمُقْتَضَى تَقْسِيمِهِ، أَنَّ الْإِبَاحَةَ وَالتَّخْيِيرَ قِسْمَانِ مِنْ أَقْسَامِهَا الْخَمْسَةِ، وَكَلَامُهُ نَصٌّ فِي ذَلِكَ.

وَالتَّحْقِيقُ، أَنَّهُمَا قِسْمٌ وَاحِدٌ، كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُبَرِّدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِبَاحَةِ هِيَ التَّخْيِيرُ، بِأَنْ يُقَالَ: إِنْ شِئْتَ افْعَلْ كَذَا، وَإِنْ شِئْتَ لَا تَفْعَلْ.

هَذَا هُوَ مَعْنَاهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ، فَجَعْلُهُمَا قِسْمَيْنِ يُوهِمُ أَنَّ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ فِي الصُّحْبَةِ، دُونَ الثَّوْبِ وَالدِّينَارِ فِي الْأَخْذِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ وَضْعِ اللَّفْظِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَرِينَةٍ عُرْفِيَّةٍ، وَهُوَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ صُحْبَةِ الْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ لَا خَسَارَةَ فِيهِ وَلَا نَقْصَ، بَلْ هُوَ زِيَادَةٌ فِي دِينِ الْآمِرِ وَالْمَأْمُورِ وَمُرُوءَتِهِمَا، بِخِلَافِ أَخْذِ الثَّوْبِ وَالدِّينَارِ، فَإِنَّ اجْتِمَاعَهُمَا لِلْمَأْمُورِ نَقْصٌ فِي مَالِيَّةِ الْآمِرِ، إِذَا كَانَ بَائِعًا أَوْ وَاهِبًا وَنَحْوَهُ، وَهُوَ فِي الْعُرْفِ لَا يُوثِرُ ذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ مُشَارٌ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ الْمُبَرِّدِ، فِي كِتَابِ «حُرُوفِ الْقُرْآنِ» ، لَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [الْبَقَرَةِ: ١٩] ، حَيْثُ قَالَ: وَأَوْ، تَكُونُ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوِ الْأَشْيَاءِ، وَتَكُونُ لِلْإِبَاحَةِ، وَأَصْلُ ذَلِكَ وَاحِدٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>