للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الْبَقَرَةِ: ٧٤] ، كَمَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ: وَيَزِيدُونَ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا كَالَّتِي قَبْلَهَا، بِمَعْنَى الْوَاوِ، أَوْ بَلْ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَتَخَرُّجُهُمَا عَلَى أَصْلِ الْبَابِ مِنْ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُبَرِّدُ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّقْدِيرَ: لَوْ كَشَفَ لَكُمْ عَنْ قُلُوبِكُمْ فِي قَسَاوَتِهَا، لَتَرَدَّدْتُمْ، هَلْ هِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً؟ كَمَا ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ يَزِيدُونَ} .

وَالثَّانِي: أَنَّهَا لِلتَّنْوِيعِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ بَعْضَكُمْ قُلُوبُهُمْ كَالْحِجَارَةِ، وَبَعْضَكُمْ قُلُوبُهُمْ أَقْسَى، كَمَا يُقَالُ: أَتَيْتُ بَنِي فُلَانٍ، فَمَا رَأَيْتُ إِلَّا فَقِيهًا أَوْ قَارِئًا.

هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ، لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ إِلَّا بِالْقُوَّةِ. وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ «أَوْ» تَكُونُ بِمَعْنَى «إِلَى» كَقَوْلِكَ: لَأَضْرِبَنَّهُ أَوْ يَتُوبَ.

قُلْتُ: وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي يَنْتَصِبُ بَعْدَهَا الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ بِإِضْمَارِ «أَنْ» ، وَأَمْثِلَتُهَا كَثِيرَةٌ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى أَصْلِ الْبَابِ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: لَأُخَيِّرَنَّهُ بَيْنَ التَّوْبَةِ وَالضَّرْبِ. وَحَقِيقَةُ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:

خَسْفَانِ ثُكْلٌ وَغَدْرٌ أَنْتَ بَيْنَهُمَا ... فَاخْتَرْ وَمَا فِيهِمَا حَظٌّ لِمُخْتَارِ

وَكَذَلِكَ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

[فَقُلْتُ لَهُ لَا تَبْكِ عَيْنُكَ] إِنَّمَا ... نُحَاوِلُ مُلْكًا أَوْ نَمُوتَ فَنُعْذَرَا

أَيْ: غَايَةُ سَعْيِنَا وَمُحَاوَلَتِنَا أَحَدُ شَيْئَيْنِ: إِمَّا الْمُلْكُ، أَوِ الْمَوْتُ دُونَهُ فَنُعْذَرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>