للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَأَمَّا الْمُثْبِتُ لِلْمُوَسَّعِ، وَهُمْ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ، وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَصِفَتُهُ مَا سَبَقَ فِي الْكَلَامِ عَلَى «الْمُخْتَصَرِ» .

وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ - وَهُوَ الْبَحْثُ الثَّانِي هَاهُنَا - أَنَّ الْخِطَابَ فِي الْمُوَسَّعِ وَالْمُخَيَّرِ وَفَرْضِ الْكِفَايَةِ جَمِيعًا مُتَعَلِّقٌ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، فَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ، وَيَحْرُمُ تَعْطِيلُهُ.

فَالْمُشْتَرَكُ فِي الْمُوَسَّعِ وَهُوَ مَفْهُومُ الزَّمَانِ وَمُطْلَقُهُ مِنَ الْوَقْتِ الْمُقَرَّرِ الْمَحْدُودِ شَرْعًا، بِمَعْنَى أَنَّ الْوَاجِبَ إِيقَاعُهُ فِيمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ زَمَنٍ مِنْ أَزْمِنَةِ الْوَقْتِ الشَّرْعِيِّ. أَعْنِي مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى أَنَّ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فِي الظُّهْرِ مَثَلًا، فَمَتَى أَوْقَعَ الصَّلَاةَ فِي هَذَا الزَّمَنِ الْمُطْلَقِ كَانَ آتِيًا بِالْمُشْتَرَكِ، فَيَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ أَدَاءً، وَإِنْ أَخَّرَهُ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ الشَّرْعِيُّ، كَانَ مُعَطَّلًا لِلْمُشْتَرَكِ عَنِ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ فِيهِ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ، وَيَلْزَمُهُ اسْتِدْرَاكُهُ قَضَاءً.

وَالْمُشْتَرَكُ فِي الْمُخَيَّرِ هُوَ مَفْهُومُ أَحَدِ الْخِصَالِ، فَهُوَ مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ وَأَمَّا مُتَعَلِّقُ التَّخْيِيرِ، فَهُوَ خُصُوصِيَّاتُ الْخِصَالِ، مِنْ إِطْعَامٍ أَوْ كُسْوَةٍ أَوْ عِتْقٍ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِإِحْدَى الْخِصَالِ وَلَا بُدَّ، وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ جَمِيعِهَا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا إِحْدَى الْخِصَالِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ الْجَمِيعِ، لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الْمُشْتَرَكُ، لِأَنَّ الْجَمِيعَ أَعَمُّ مِنَ الْمُشْتَرَكِ، وَتَارِكُ الْأَعَمِّ تَارِكٌ لِلْأَخَصِّ وَمُعَطِّلٌ لَهُ، وَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>