للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: الْخِطَابُ اسْتِدْعَاءُ الْمَشْرُوطِ، فَأَيْنَ دَلِيلُ وُجُوبِ الشَّرْطِ؟ قُلْنَا: الشَّرْطُ لَازِمٌ لِلْمَشْرُوطِ، وَالْأَمْرُ بِاللَّازِمِ مِنْ لَوَازِمِ الْأَمْرِ بِالْمَلْزُومِ، وَإِلَّا كَانَ تَكْلِيفًا بِالْمُحَالِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا، لَمْ يَجِبْ، خِلَافًا لِلْأَكْثَرِينَ.

قَالُوا: لَابُدَّ مِنْهُ فِيهِ.

قُلْنَا: لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَإِلَّا لَوَجَبَتْ نِيَّتُهُ، وَلَزِمَ تَعَقُّلُ الْمُوجِبِ لَهُ، وَعُصِيَ بِتَرْكِهِ بِتَقْدِيرِ إِمْكَانِ انْفِكَاكِهِ.

ــ

قَوْلُهُ: «فَإِنْ قِيلَ» إِلَى آخِرِهِ، هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى الْقَوْلِ بِإِيجَابِ الشَّرْطِ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْخِطَابَ إِنَّمَا اسْتَدْعَى الْمَشْرُوطَ - وَهُوَ الصَّلَاةُ مَثَلًا - فِي قَوْلِهِ: صَلِّ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِإِيجَابِ الشَّرْطِ، وَهُوَ الْوُضُوءُ، وَالسُّتْرَةِ، وَالِاسْتِقْبَالُ، وَغَيْرُهَا، وَمَعَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِإِيجَابِهِ لَا دَلِيلَ عَلَى وُجُوبِهِ، فَأَيْنَ دَلِيلُهُ؟

قَوْلُهُ: «قُلْنَا: الشَّرْطُ لَازِمٌ لِلْمَشْرُوطِ» إِلَى آخِرِهِ، هَذَا جَوَابُ الِاعْتِرَاضِ الْمَذْكُورِ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الشَّرْطَ لَازِمٌ لِلْمَشْرُوطِ، أَيْ: لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ، كَمَا لَا يَنْفَكُّ الْجِدَارُ عَنِ السَّقْفِ، حَيْثُ كَانَ لَازِمًا لَهُ، «وَالْأَمْرُ مِنْ لَوَازِمِ الْأَمْرِ بِالْمَلْزُومِ» أَيْ: يَلْزَمُ مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَلْزُومِ - وَهُوَ الصَّلَاةُ هَاهُنَا - الْأَمْرَ بِاللَّازِمِ، وَهُوَ الْوُضُوءُ، كَمَا يَلْزَمُ مِنَ الْأَمْرِ بِبِنَاءِ السَّقْفِ الْأَمْرُ بِبِنَاءِ الْحَائِطِ عَقْلًا «وَإِلَّا» أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ بِاللَّازِمِ مِنْ لَوَازِمِ الْأَمْرِ بِالْمَلْزُومِ، لَكَانَ تَكْلِيفًا بِالْمُحَالِ، إِذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ: صَلِّ صَلَاةً شَرْعِيَّةً، مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>