للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شَرْطِ صِحَّتِهَا الْوُضُوءُ، وَلَسْتَ مَأْمُورًا بِهِ، أَوْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ. وَوُجُودُ صَلَاةٍ شَرْعِيَّةٍ بِدُونِ وُضُوءٍ مُحَالٌ، كَمَا أَنَّ وُجُودَ سَقْفٍ لَا جِدَارَ تَحْتَهُ يَلْزَمُهُ مُحَالٌ.

قَوْلُهُ: «وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ» ، أَيْ: عَدَمُ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ، لَا أَنَّا نَمْنَعُ جَوَازَهُ، إِذْ قَدْ قَرَّرْنَاهُ فِيمَا سَبَقَ، فَلَا يَسَعُنَا هَاهُنَا مَنْعُهُ، بَلْ هُوَ جَائِزٌ، لَكِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. وَلِأَنَّ التَّكَالِيفَ الشَّرْعِيَّةَ الْفَرْعِيَّةَ لَمْ يَقَعْ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْمُحَالِ، فَجَعْلُ هَذَا الْحُكْمِ مِنْهَا أَوْلَى مِنْ إِخْرَاجِهِ عَنْهَا. وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ تَكْلِيفَ الْمُحَالِ لَمْ يَقَعْ إِلَّا فِي خَلْقِ الْأَفْعَالِ.

وَتَلْخِيصُ هَذَا الْجَوَابِ: أَنَّهُ بِالْمَنْعِ، لِقَوْلِهِمْ: مَعَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِإِيجَابِ الشَّرْطِ لَا دَلِيلَ عَلَى وُجُوبِهِ.

وَمَعْنَاهُ: لَا نُسَلِّمُ انْحِصَارَ طَرِيقِ الْإِيجَابِ فِي التَّصْرِيحِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ الْإِيجَابُ تَصْرِيحًا وَمُطَابَقَةً، وَقَدْ يَكُونُ إِيمَاءً وَالْتِزَامًا، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ لَازِمٌ لِلْمَشْرُوطِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَلْزُومِ أَمْرٌ بِاللَّازِمِ.

قَوْلُهُ: «وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا» إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ شَرْطًا، كَمَسْحِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ، وَإِمْسَاكِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ مَعَ النَّهَارِ فِي الصَّوْمِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْوُضُوءِ، وَالثَّانِي لَيْسَ شَرْطًا فِي الصَّوْمِ، بِخِلَافِ النِّيَّةِ فِيهِمَا، وَالْوُضُوءِ فِي الصَّلَاةِ، فَهَذَا لَا يَجِبُ، خِلَافًا لِلْأَكْثَرِينَ، حَيْثُ قَالُوا بِوُجُوبِهِ.

قَوْلُهُ: «قَالُوا: لَابُدَّ مِنْهُ فِيهِ» . هَذَا دَلِيلُ الْأَكْثَرِينَ عَلَى وُجُوبِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>