للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ لَابُدَّ مِنْهُ فِي الْوَاجِبِ، وَمَا لَابُدَّ مِنْهُ فِي الْوَاجِبِ يَكُونُ وَاجِبًا.

أَمَّا الْأُولَى: فَبِاتِّفَاقٍ. إِذْ لَابُدَّ فِي الْوُضُوءِ مِنْ غَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ.

وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَلِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ اللَّازِمُ، وَمَا لَابُدَّ مِنْهُ لَازِمٌ، فَمَا لَابُدَّ مِنْهُ وَاجِبٌ، فَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ وَاجِبٌ.

قَوْلُهُ: «قُلْنَا: لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ» أَيْ: كَوْنُ مَا لَا يُتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ لَابُدَّ مِنْهُ فِي الْوَاجِبِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا. أَمَّا أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، فَلِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا: لَابُدَّ مِنَ الشَّيْءِ أَنَّ فِعْلَهُ لَازِمٌ، لَكِنَّ اللُّزُومَ تَارَةً شَرْعِيٌّ، وَتَارَةً عَقْلِيٌّ، وَالشَّرْعِيُّ مُنْتَفٍ، لِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ الْمُقْتَضِي، إِذِ الْكَلَامُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْأَمْرُ بِالْوَاجِبِ مُطْلَقًا، لِمَنْ يَتَعَرَّضُ لِمَا لَمْ يَتِمَّ إِلَّا بِهِ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا. وَالْعَقْلِيُّ أَيْضًا. مُنْتَفٍ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ اللُّزُومَ الْعَقْلِيَّ مَوْجُودٌ، لَكِنْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، إِذْ مَوْضُوعُ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ اللُّزُومُ الشَّرْعِيُّ. أَعْنِي مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الشَّرْعِيُّ شَرْعًا إِلَّا بِهِ، وَلَيْسَ شَرْطًا فِيهِ.

وَالتَّقْدِيرُ: أَنَّ الْخِطَابَ الشَّرْعِيَّ مُنْتَفٍ فَيَنْتَفِي الْوُجُوبُ.

قُلْتُ: وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ يَلْزَمُ نَافِي الْوُجُوبِ هُنَا مَا لَزِمَ نَافِيهِ فِي الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ أَنَّ مَا لَابُدَّ مِنْهُ فِي الْوَاجِبِ هُوَ مِنْ لَوَازِمِهِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَلْزُومِ أَمْرٌ بِاللَّازِمِ. وَقَدْ سَبَقَ تَقْرِيرُهُ، وَمَدَارُ حُجَّةِ الْمُثْبِتِينَ هَاهُنَا عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>