. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«وَقِيلَ: مَأْمُورٌ بِهِ» أَيْ: وَقِيلَ فِي الْمَنْدُوبِ تَعْرِيفٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ «يَجُوزُ تَرْكُهُ لَا إِلَى بَدَلٍ» فَقَوْلُنَا: مَأْمُورٌ بِهِ. جِنْسٌ يَتَنَاوَلُهُ وَالْوَاجِبَ، لِأَنَّهُ قَسِيمُهُ عَلَى مَا مَرَّ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَقَوْلُنَا: يَجُوزُ تَرْكُهُ: هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ تَرْكُهُ مُطْلَقًا، أَوْ إِلَى بَدَلٍ، فَيَتَنَاوَلُ الْوَاجِبَ الْمُوَسَّعَ وَالْمُخَيَّرَ وَفَرْضَ الْكِفَايَةِ، لِأَنَّ جَمِيعَهَا مَأْمُورٌ بِهِ يَجُوزُ تَرْكُهُ، لَكِنْ إِلَى بَدَلٍ، كَمَا سَبَقَ تَحْقِيقُهُ. فَبِقَوْلِنَا: لَا إِلَى بَدَلٍ، خَرَجَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ وَنَحْوُهَا.
وَقَالَ الْآمِدِيُّ: الْمَنْدُوبُ هُوَ الْمَطْلُوبُ فِعْلُهُ شَرْعًا وَلَا ذَمَّ عَلَى تَرْكِهِ مُطْلَقًا.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: هُوَ مَا رَجَحَ فِعْلُهُ عَلَى تَرْكِهِ شَرْعًا مِنْ غَيْرِ ذَمٍّ. وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ مُتَقَارِبَةٌ.
قَوْلُهُ: «وَهُوَ» يَعْنِي الْمَنْدُوبَ «مُرَادِفُ السُّنَّةِ، وَالْمُسْتَحَبِّ» ، أَيْ: هُوَ مُسَاوِيهِمَا فِي الْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الْأَلْفَاظُ، وَالْمُتَرَادِفُ هُوَ اللَّفْظُ الْمُتَعَدِّدُ لِمُسَمًّى وَاحِدٍ، كَالْأَسَدِ وَالْغَضَنْفَرِ، وَالْمُدَامِ وَالْخَمْرِ، وَالْحَرَامِ وَالْمَحْظُورِ، وَالْمَنْدُوبِ وَالسُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبِّ. فَالسِّوَاكُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَتَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ وَنَحْوُهُ، يُقَالُ لَهُ: مَنْدُوبٌ وَمُسْتَحَبٌّ.
قَوْلُهُ: «وَهُوَ» يَعْنِي الْمَنْدُوبَ «مَأْمُورٌ بِهِ خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ» مِنَ الْحَنَفِيَّةِ «وَ» أَبِي بَكْرٍ «الرَّازِيِّ. لَنَا» أَيْ عَلَى أَنَّ الْمَنْدُوبَ مَأْمُورٌ بِهِ «مَا تَقَدَّمَ مِنْ قِسْمَةِ الْأَمْرِ إِلَى إِيجَابٍ وَنَدْبٍ، وَمَوْرِدُ الْقِسْمَةِ مُشْتَرَكٌ» ، وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي قِسْمَةِ الْأَحْكَامِ إِلَى خَمْسَةٍ، وَهُوَ أَنَّ الْخِطَابَ إِمَّا أَنْ يَرِدَ بِاقْتِضَاءِ الْفِعْلِ أَوْ تَرْكِهِ، وَاقْتِضَاءُ الْفِعْلِ هُوَ طَلَبُهُ وَالْأَمْرُ بِهِ، ثُمَّ الْأَمْرُ إِمَّا مَعَ الْجَزْمِ، وَهُوَ الْإِيجَابُ، أَوْ لَا مَعَ الْجَزْمِ، وَهُوَ النَّدْبُ.
فَقَدِ انْقَسَمَ الْأَمْرُ إِلَى إِيجَابٍ وَنَدْبٍ. وَكُلُّ شَيْءٍ قُسِّمَ أَقْسَامًا، فَاسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute