للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صَادِقٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَقْسَامِ، كَمَا إِذَا قُلْنَا: الْحَيَوَانُ إِمَّا نَاطِقٌ أَوْ غَيْرُ نَاطِقٍ كَالْفَرَسِ وَالشَّاةِ وَالطَّائِرِ، فَاسْمُ الْحَيَوَانِ صَادِقٌ عَلَى الْجَمِيعِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ يُسَمَّى حَيَوَانًا، فَكَذَلِكَ الْأَمْرُ يَصْدُقُ عَلَى الْوَاجِبِ وَالنَّدْبِ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا: مَوْرِدُ الْقِسْمَةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ أَقْسَامِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، فَيَكُونُ الْمَنْدُوبُ مَأْمُورًا بِهِ، كَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: «وَلِأَنَّهُ طَاعَةٌ» إِلَى آخِرِهِ، هَذَا دَلِيلٌ ثَانٍ عَلَى أَنَّ الْمَنْدُوبَ طَاعَةٌ، وَلِأَنَّهُ مُثَابٌ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مُثَابٍ عَلَيْهِ طَاعَةٌ، فَالْمَنْدُوبُ طَاعَةٌ. وَالْمُقَدِّمَتَانِ ظَاهِرَتَانِ، وَأَمَّا أَنَّ كَلَّ طَاعَةٍ مَأْمُورٌ بِهَا، فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النِّسَاءِ: ٥٩] ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِلِسَانِ الْحَالِ وَالْمَقَالِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ: أَطِيعُونِي، وَلِأَنَّ الطَّاعَةَ امْتِثَالُ الطَّلَبِ، وَامْتِثَالُ الطَّلَبِ مَأْمُورٌ بِهِ. فَالطَّاعَةُ مَأْمُورٌ بِهَا.

وَيَعْنِي امْتِثَالَ الطَّلَبِ أَنَّ الشَّارِعَ إِذَا طَلَبَ مِنَّا شَيْئًا، أَمَرَنَا بِامْتِثَالِهِ، كَقَوْلِهِ: صَلُّوا وَاسْتَاكُو.

وَقَالَ الْكِنَانِيُّ: كَوْنُ الْمَنْدُوبِ طَاعَةً لَا يَدُلُّ فِي الْأَصَحِّ عَلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ، إِذْ لَيْسَتِ الطَّاعَةُ مِنْ خَصَائِصِ الْأَمْرِ، لِتَنَاوُلِهَا السُّؤَالَ وَالشَّفَاعَةَ.

قُلْتُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ، إِذْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُوَافَقَتَهُ السُّؤَالَ وَالشَّفَاعَةَ طَاعَةٌ مُوَافِقَةٌ لِلْأَمْرِ فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>