للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قِيَاسٌ لِلْأَعْرَاضِ عَلَى الْأَجْسَامِ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ قِيَاسَ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ لَا يَصِحُّ، وَأَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ اتِّحَادُ بَابِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: سَلَّمْنَا صِحَّةَ الْقِيَاسِ لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْهُ قِيَامُ الْعَرْضِ بِالْعَرْضِ وَهُوَ مُحَالٌ، أَمَّا لُزُومُ قِيَامِ الْعَرْضِ بِالْعَرْضِ فَلِأَنَّ الْأَفْعَالَ أَعْرَاضٌ، وَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ وَالصِّفَاتُ أَعْرَاضٌ، فَلَوْ قَامَ الْحُسْنُ وَالْقُبْحُ بِالْأَفْعَالِ، لَزِمَ قَطْعًا قِيَامُ الْعَرَضِ بِالْعَرَضِ، وَأَمَّا أَنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ فَلِأَنَّ الْعَرَضَ مَا لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ، فَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى مَحَلٍّ يَقُومُ بِهِ كَالْجَوْهَرِ وَالْجِسْمِ، فَلَوْ صَحَّ قِيَامُ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ بِالْأَفْعَالِ لَكَانَتِ الْأَفْعَالُ جَوَاهِرَ وَأَجْسَامًا لَا أَعْرَاضًا وَهُوَ مُحَالٌ.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ السُّرْعَةَ وَالْبُطْءَ تَقُومُ بِالْحَرَكَةِ فَيُقَالُ: حَرَكَةٌ سَرِيعَةٌ أَوْ بَطِيئَةٌ، وَهُمَا عَرَضَانِ، فَقَدْ قَامَ الْعَرَضُ بِالْعَرَضِ، وَكَذَلِكَ الشِّدَّةُ وَالضَّعْفُ عَرَضَانِ يَقُومَانِ بِالْأَلْوَانِ وَهِيَ أَعْرَاضٌ، فَيُقَالُ: سَوَادٌ وَبَيَاضٌ شَدِيدٌ أَوْ ضَعِيفٌ.

قُلْنَا: السُّرْعَةُ وَالْبُطْءُ قَائِمَانِ بِالْمُتَحَرِّكِ بِوَاسِطَةِ الْحَرَكَةِ لَا بِنَفْسِ الْحَرَكَةِ، وَكَذَلِكَ الشِّدَّةُ وَالضَّعْفُ فِي الْأَلْوَانِ، إِنَّمَا قَامَا بِالْجِسْمِ الْمُتَلَوِّنِ لَا بِاللَّوْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>