للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُقْتَضِي وَالشَّرْطِ وَالْمَحَلِّ وَالْأَهْلِ، بَلِ الْعِلَّةُ الْمَجْمُوعُ، وَالْأَهْلُ وَالْمَحَلُّ وَصْفَانِ مِنْ أَوْصَافِهَا.

قُلْتُ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: هُمَا رُكْنَانِ مِنْ أَرْكَانِهَا، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمَا جُزْءَانِ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَرُكْنُ الشَّيْءِ: هُوَ جُزْؤُهُ الدَّاخِلُ فِي حَقِيقَتِهِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ الْأَرْبَعَةُ مَجْمُوعُهَا يُسَمَّى عِلَّةً، وَمُقْتَضَى الْحُكْمِ: هُوَ الْمَعْنَى الطَّالِبُ لَهُ، وَشَرْطُهُ: يَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَهْلُهُ: هُوَ الْمُخَاطَبُ بِهِ، وَمَحَلُّهُ: مَا تَعَلَّقَ بِهِ. وَقَدْ بَانَ الْمِثَالُ.

قَوْلُهُ: «الثَّانِي» أَيِ: الثَّانِي مِنَ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي اسْتُعِيرَتْ لَهَا الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ، وَهُوَ «مُقْتَضَى الْحُكْمِ وَإِنْ تَخَلَّفَ» ، أَيْ: وَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ الْحُكْمُ «لِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ» ، مِثَالُهُ: الْيَمِينُ هِيَ الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، فَتُسَمَّى عِلَّةً لَهُ، وَإِنْ كَانَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِمَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ: الْحَلِفُ الَّذِي هُوَ الْيَمِينُ وَالْحِنْثُ فِيهَا، لَكِنَّ الْحِنْثَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ، وَالْحَلِفُ هُوَ السَّبَبُ الْمُقْتَضِي لَهُ فَقَالُوا: هُوَ عِلَّةٌ، فَإِذَا حَلَفَ الْإِنْسَانُ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ تَرْكِهِ، قِيلَ: قَدْ وُجِدَتْ مِنْهُ عِلَّةُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ كَانَ الْوُجُوبُ لَا يُوجَدُ حَتَّى يَحْنَثَ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ، انْعَقَدَ سَبَبُهُ. وَكَذَا الْكَلَامُ فِي مُجَرَّدِ مِلْكِ النَّصَّابِ، يُقَالُ: وُجِدَتْ عِلَّةُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، لِأَنَّ مِلْكَ النَّصَّابِ مُقْتَضٍ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقِ الْوُجُوبُ إِلَّا بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>