للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَبْطِئُونَ نُصْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِمْ، وَقِيلَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: «وَاشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحَبْلِ أَوْ بِالْعَكْسِ» ، أَيِ: السَّبَبُ فِي وَضْعِ اللُّغَةِ مَا ذَكَرَ، وَاشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي عُرْفِ اللُّغَةِ فِي الْحَبْلِ، أَوْ أَنَّهُ فِي وَضْعِ اللُّغَةِ الْحَبْلُ، وَاشْتُهِرَ فِي الْعُرْفِ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا تُوُصِّلَ بِهِ إِلَى الْغَرَضِ. هَذَا مَعْنَى الْعَكْسِ الْمُرَادِ هُنَا.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا تَرَدُّدٌ فِي وَقْتِ الِاخْتِصَارِ، فَإِنِّي لَمْ أُطَالِعْ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ الْمَوْثُوقِ بِهَا. ثُمَّ إِنِّي رَأَيْتُ السَّبَبَ يُطْلَقُ فِي الْعُرْفِ وَاللُّغَةِ عَلَى الْحَبْلِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ فِيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ رَأَيْتُ أَنَّ كُلَّ مَا تُوُصِّلَ بِهِ إِلَى مَقْصُودٍ مَا، فَهُوَ سَبَبٌ لَهُ، وَرَأَيْتُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاشْتِرَاكِ، فَبَقِيتُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ أَنَّ السَّبَبَ مَوْضُوعٌ لِمَا تُوُصِّلُ بِهِ إِلَى الْغَرَضِ مُتَعَارَفٌ فِي الْحَبْلِ، أَوْ مَوْضُوعٌ لِلْحَبْلِ مُتَعَارَفٌ فِيمَا تُوُصِّلَ بِهِ إِلَى الْغَرَضِ فَأَطْلَقْتُ الْقَوْلَ بِالتَّرَدُّدِ حَذَرًا مِنَ الْخَطَأِ فِي الْجَزْمِ بِأَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ، فَالْآنَ عِنْدَ الشَّرْحِ طَالَعْتُهُ فِي «الصِّحَاحِ» ، فَوَجَدْتُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، كَمَا حَكَيْتُهُ لَكَ آنِفًا.

قَوْلُهُ: «وَاسْتُعِيرَ شَرْعًا» ، أَيْ: وَاسْتُعِيرَ السَّبَبُ مِنَ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ إِلَى التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيِّ «لِمَعَانٍ» أَرْبَعَةٍ:

«أَحَدُهَا: مَا يُقَابِلُ الْمُبَاشَرَةَ، كَحَفْرِ الْبِئْرِ مَعَ التَّرْدِيَةِ» فِيهَا، فَإِذَا حَفَرَ شَخْصٌ بِئْرًا، وَدَفَعَ آخَرُ إِنْسَانًا فَتَرَدَّى فِيهَا فَهَلَكَ، «فَالْأَوَّلُ» ، وَهُوَ الْحَافِرُ، «سَبَبٌ» إِلَى هَلَاكِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>