وَقِيلَ: لَا يُسَمَّى قَضَاءً مَا فَاتَ لِعُذْرٍ، كَالْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ يَسْتَدْرِكُونَ الصَّوْمَ، لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ حَالَ الْعُذْرِ، بِدَلِيلِ عَدَمِ عِصْيَانِهِمْ لَوْ مَاتُوا فِيهِ.
ــ
قَوْلُهُ: «وَقِيلَ: لَا يُسَمَّى قَضَاءً مَا فَاتَ لِعُذْرٍ» ، إِلَى آخِرِهِ.
هَذَا قَوْلٌ آخَرُ فِي الْقَضَاءِ يَتَضَمَّنُ تَفْصِيلًا، أَيْ إِنْ كَانَ فَوَاتُ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي وَقْتِهِ لَا لِعُذْرٍ، فَفَعَلَهُ بَعْدَ الْوَقْتِ يَكُونُ قَضَاءً، وَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ بَعْدَ الْوَقْتِ قَضَاءً، كَالْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ: يَفُوتُهُمْ صَوْمُ رَمَضَانَ لِعُذْرِ الْحَيْضِ وَالسَّفَرِ، فَيَسْتَدْرِكُونَهُ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: «لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ حَالَ الْعُذْرِ» ، إِلَى آخِرِهِ.
هَذَا تَوْجِيهُ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ قَضَاءً.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الصَّوْمَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى هَؤُلَاءِ حَالَ الْحَيْضِ وَالسَّفَرِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُمْ لَهُ قَضَاءً، إِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِمْ حَالَ الْعُذْرِ، لِأَنَّهُمْ لَوْ مَاتُوا حِينَئِذٍ لَمْ يَكُونُوا عُصَاةً، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «بِدَلِيلِ عَدَمِ عِصْيَانِهِمْ لَوْ مَاتُوا فِيهِ» ، أَيْ: فِي حَالِ الْعُذْرِ، الْحَائِضُ لَوْ مَاتَتْ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ لَمْ تَعْصِ بِتَرْكِ الصَّوْمِ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهَا، لَعَصَتْ بِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا حَالَ الْعُذْرِ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ بَعْدَهُ قَضَاءً، لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَسْتَدْعِي سَابِقَةَ الْوُجُوبِ، وَلِهَذَا الْخِلَافِ أَصْلٌ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute