وَرَدَ، بِوُجُوبِ نِيَّةِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ إِجْمَاعًا، وَبِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (كُنَّا نَحِيضُ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ) ، وَبِأَنَّ ثُبُوتَ الْعِبَادَةِ فِي الذِّمَّةِ، كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، فَكِلَاهُمَا يُقْضَى. وَفِعْلُ الزَّكَاةِ وَالصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بَعْدَ تَأْخِيرِهِمَا عَنْ وَقْتِ وُجُوبِهِمَا لَا يُسَمَّى قَضَاءً، لِعَدَمِ تَعَيُّنِ وَقْتِ الزَّكَاةِ، وَامْتِنَاعِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ.
ــ
قَوْلُهُ: " وَرَدَ بِوُجُوبِ نِيَّةِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ إِجْمَاعًا "، إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: وَرَدَ هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي فُصِلَ فِيهِ: بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّرْكُ لَا لِعُذْرٍ، فَيَكُونُ قَضَاءً، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِعُذْرٍ، فَلَا يَكُونُ قَضَاءً، بِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْحَائِضَ وَالْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ إِذَا صَامُوا بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِمْ، تَجِبُ عَلَيْهِمْ نِيَّةُ الْقَضَاءِ بِالْإِجْمَاعِ، وَكُلُّ مَا وَجَبَتْ فِيهِ نِيَّةُ الْقَضَاءِ، فَهُوَ قَضَاءٌ، إِذْ لَوْ كَانَ أَدَاءً، لَمَا جَازَ أَنْ يَنْوُوا الْقَضَاءَ فِيهِ، لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ يَنْوُونَ غَيْرَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَكُونُ لَهُمْ، عَمَلًا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى. الْوَجْهُ الثَّانِي: قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَمَعْنَاهُ فِي " الصَّحِيحِ ". فَسَمَّتْهُ قَضَاءً، وَأَخْبَرَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَمِّيهِ قَضَاءً وَيَأْمُرُ بِهِ.
لَا يُقَالُ: إِنَّمَا سَمَّاهُ قَضَاءً لُغَةً، وَالْقَضَاءُ وَالْأَدَاءُ فِي اللُّغَةِ قَدْ يَكُونَانِ بِمَعْنًى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute