. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قُلْتُ: وَالتَّقْسِيمُ الْمُخْتَارُ لِلْحَقِيقَةِ أَنَّهَا: إِمَّا لُغَوِيَّةٌ، أَوِ اصْطِلَاحِيَّةٌ، وَاللُّغَوِيَّةُ وَضْعِيَّةٌ وَعُرْفِيَّةٌ كَمَا سَبَقَ، وَالِاصْطِلَاحِيَّةُ شَرْعِيَّةٌ وَغَيْرُ شَرْعِيَّةٍ.
فَالشَّرْعِيَّةُ: كَاسْمِ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِهِ.
وَغَيْرُ الشَّرْعِيَّةِ: هِيَ كُلُّ لَفْظٍ فِي عِلْمٍ أَوْ صِنَاعَةٍ اشْتَهَرَ عِنْدَ أَهْلِهِ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَدْلُولِهِ عِنْدَهُمْ. فَيَتَنَاوَلُ ذَلِكَ اصْطِلَاحَ الْفَلَاسِفَةِ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ، وَالْفُقَهَاءِ، وَالْجَدَلِيِّينَ، وَالنُّحَاةِ، وَالْأَطِبَّاءِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَاصْطِلَاحِ النَّجَّارِينَ، وَالْحَدَّادِينَ، وَالصَّاغَةِ وَالْمَلَّاحِينَ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصُّنَّاعِ عَلَى حَقَائِقِهِمُ الْمُتَدَاوَلَةِ بَيْنَهُمْ.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَالْحَقَائِقُ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْوَاضِعِ، لُغَةً أَوْ شَرْعًا أَوِ اصْطِلَاحًا.
وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَتَحَقَّقُ أَنَّ الْعُرْفِيَّةَ اللُّغَوِيَّةَ حَقِيقَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا اشْتَهَرَتْ فِيهِ عُرْفًا، مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا خُصَّتْ مِنْهُ وَضْعًا، كَالدَّابَّةِ: هِيَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، مَجَازٌ وَضْعِيٌّ فِيهِ، لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي بَعْضِ مَا وُضِعَ لَهُ، لَا فِي كُلِّهِ.
أَمَّا الْأَسْمَاءُ الشَّرْعِيَّةُ، فَيَنْبَنِي الْقَوْلُ فِيهَا عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي ذِكْرُهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ وَضْعُ الشَّارِعِ ابْتِدَاءً، فَهِيَ حَقِيقَةٌ مُطْلَقَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: لَمْ يَضَعْهَا ابْتِدَاءً، بَلْ نَقَلَ الْحَقَائِقَ اللُّغَوِيَّةَ إِلَى الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ، وَزَادَ فِيهَا شُرُوطًا، فَهِيَ حَقِيقَةٌ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الشَّرْعِ، مَجَازٌ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْوَضْعِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute